ولا في تلك الرواية ذكر أن ذلك كان في مرض (1) لا بنص ولا بدليل وإنما فيه انه أعتقه عند موته فقط، والأظهر أن عليا إنما أوجب الاستسعاء في ذلك لأنه لم يكن له مال غيره وعليه دين، فهذا هو نص الخبر وهو قولنا لا قولهم كلهم، وكذلك نقول بالاستسعاء في هذا إذا فضل من قيمة العتق عن الدين شئ قل أو كثر وليس في ذلك الخبر خلاف لهذا فلاح ولله الحمد كثيرا ان كل ما احتجوا به من أثر صحيح أو سقيم أو عن صاحب فليس منه شئ أصلا موافقا لقولهم. وان ايرادهم لكل ذلك تمويه. وايهام بالباطل. والظن الكاذب، وأن كله أو أكثره حجة لنا وموافق لقولنا والحمد لله رب العالمين * وأما احتجاجهم بالتابعين ودعواهم الاجماع في ذلك فغير منكر من استسهالهم الكذب على جميع أهل الاسلام، وقد أوردنا في صدر هذه المسألة بأصح طريق عن مسروق خلاف قولهم. وان عتق المريض من رأس ماله وان مات من مرضه ذلك. وانه إنما قال بذلك لأنه شئ جعله لله تعالى فلا يرد، فصح أن كل ما فعله المريض لله تعالى فمات من مرضه أو عاش فمن رأس ماله عند مسروق فظهر كذبهم في دعوى الاجماع فكيف وإنما جاءت في ذلك آثار عن أربعة عشر من التابعين فقط؟ شريح. والشعبي. والنخعي.
وسعيد بن المسيب. والقاسم. وسالم. والزهري. وربيعة. ويحيى بن سعيد الأنصاري وعكرمة. ومكحول. وعطاء. والحسن. وقتادة أكثر ذلك لا يصح عنهم لأنها من طريق جابر الجعفي ومثله، ثم هم مختلفون فمنهم من رأى المسافرين حين يضع رجله في الغرز لا ينفذ له أمر في مال الا من ثلثه، ومنهم من يرى ذلك في الحامل جملة، ومنهم من يرى ذلك في الأسير جملة، والمالكيون. والحنيفيون. والشافعيون مخالفون لكل هذا، ثم قولهم في تقسيم الأمراض مخالف لجميعهم، فإن كان هؤلاء إجماعا فقد أقروا على أنفسهم بخلاف الاجماع وإن كان ليس اجماعا فلا حجة لهم في قول من دون الصحابة إذا لم يكن اجماعا عندهم فكيف وقد روينا عن مسروق. والشعبي خلاف هذا، وروينا من طريق محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم ابن عتيبة عن إبراهيم النخعي قال: إذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها في مرضها فهو جائز، وقال سفيان: لا يجوز، فصح أن إبراهيم إنما عنى مرضها الذي تموت منه ولم يراع ثلثا ولا رآه وصية * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز في الرجل يتصدق بماله كله قال: إذا وضع ماله كله في حق فلا أحد أحق بماله منه وإذا أعطى بعض