رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط الا في حد من حدود الله، (1) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغيير المنكر باليد، من المنكر مطل الغنى، فمن صح غناه ومنع خصمه فقد أتى منكر أو ظلما وكل ظلم منكر فواجب على الحاكم تغييره باليد، ومنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يجلد أحد في غير حدأ كثر من عشرة أسواط، فواجب أن يضرب عشرة فان أنصف فلا سبيل إليه وان تمادى على المطل فقد أحدث منكرا آخر غير الذي ضرب عليه فيضرب أيضا عشرة وهكذا أبدا حتى ينصف ويترك الظلم أو يقتله الحق وأمر الله تعالى * وأما التفريق بين وجوه الحقوق فان من كان أصل الحق عليه من دين (2) أو بيع فقد صح انه قد ملك مالا، ومن صح أنه قد ملك ما لا فواجب أن ينصف من ذلك المال حتى يصح أن ذلك المال قد تلف وهو في تلفه مدعى، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبينة على المدعى، ومن كان أصل الحق عليه من ضمان. أو جناية. أو صداق. أو نفقة فاليقين الذي لا شك فيه عند أحد هو ان كل أحد ولد عريان لا شئ له فالناس كلهم قد صح لهم الفقر فهم على ما صح منهم حتى يصح أنهم كسبوا ما لا وهو في أنه قد كسب ما لا مدعى عليه وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين على المدعى عليه، وهذا قول أبى سليمان. ومحمد بن شجاع البلخي.
وغيرهما، وخالف في هذا بعض المتعسفين فقال: قال الله تعالى: (خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم) فصح ان الله تعالى رزق الجميع * قال أبو محمد: لم نخالفه في الرزق بل الرزق متيقن، وأوله لبن التي أرضعته فلولا رزق الله تعالى ما عاش أحد يوما فما فوقه وليس من كل الرزق ينصف الغرماء وإنما ينصفون من فضول الرزق وهي التي لا يصح ان الله تعالى آتاها الانسان الا بينة (3) وأما المؤاجرة فلما ذكرنا قبل في المسألة المتقدمة لهذه، وبالله تعالى التوفيق * 1278 - مسألة - فان قيل: إن قول الله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) يمنع من استئجاره قلنا: بل يوجب استئجاره لان الميسرة لا تكون الا بأحد وجهين إما بسعي واما بلا سعى، وقد قال تعالى: (وابتغوا من فضل الله) فنحن نجبره على ابتغاء فضل الله تعالى الذي أمره تعالى بابتغائه فنأمره ونلزمه التكسب لينصف غرماءه ويقوم بعيناه ونفسه ولا ندعه يضيع نفسه وعياله والحق اللازم له *