بسم الله الرحمن الرحيم * كتاب الجعل في الآبق وغيره 1327 - مسألة - لا يجوز الحكم بالجعل على أحد فمن قال لآخر: ان جئتني بعبدي الآبق فلك على دينار أو قال: إن فعلت كذلك وكذا فلك على درهم أو ما أشبه هذا (1) فجاءه بذلك، أو هتف وأشهد على نفسه من جاءني بكذا فله كذا فجاءه به لم يقض عليه بشئ ويستحب لو وفى بوعده، وكذلك من جاءه بآبق فلا يقضى له بشئ سواء عرف بالمجئ بالإباق أو لم يعرف بذلك الا أن يستأجره على طلبه مدة معروفة أو ليأتيه به من مكان معروف فيجب له ما استأجره به، وأوجب قوم الجعل وألزموه الجاعل واحتجوا بقول الله تعالى: (أوفوا بالعقود) وبقول يوسف صلى الله عليه وسلم وخدمته عنه (قالوا:
نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) وبحديث الذي رقى على قطيع من الغنم وقد ذكرناه في الإجارات فأغنى عن اعادته * قال أبو محمد: وكل هذا لا حجة لهم فيه، أما قول الله تعالى: (أوفوا بالعقود) فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام) وقال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) فصح أنه ليس لأحد أن يعقد في دمه ولا في ماله ولا في عرضه ولا في بشرته عقدا ولا أن يلتزم في شئ من ذلك حكما الا ما جاء النص بايجابه باسمه أو بإباحته باسمه، فصح أن العقود التي أمر الله تعالى بالوفاء بها إنما هي العقود المنصوص عليها بأسمائها وان كل ما عداها فحرام عقده، وأيضا فان الله عز وجل يقول: (ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله) فصح أن من التزم أن يفعل شيئا ولم يقل: إن شاء الله فقد خالف أمر الله تعالى وإذ خالف أمر الله تعالى لم يلزمه عقد خالف فيه أمر ربه عز وجل بل هو معصية يلزمه أن يستغفر الله عز وجل منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فان قال: الا أن يشاء الله فقد علمنا يقينا علم ضرورة إذ قد عقد ذلك العقد بمشيئة الله عز وجل ثم لم ينفذه ولا فعله فان الله تعالى لم يشأه إذ لو شاءه الله لأنفذه وأتمه فلم يخرج عن ما التزم من كون ذلك العقدان شاءه الله تعالى أنفذه وأتمه والا فلا، وأيضا فان المخالفين لنا في هذا لا يرون جميع العقود لازمة ولا يأخذون بعموم الآية التي احتجوا بها بل يقولون فيمن عقد على نفسه أن يصبغ ثوبه أصفر أو أن يمشى إلى السوق أو نحو هذا: أنه لا يلزمه فقد نقضوا احتجاجهم بعمومها ولزمهم أن يأتوا بالحد المفرق بين