على تلك الأخبار حكما ولا يحل ترك زيادة العدل، وعمدة حجتهم أنهم قالوا: إنما البائع ههنا للمدين اللذين أحدهما جيد والآخر ردئ بان يعطى الجيد أكثر من مد من المتوسط وأن يعطى الأردأ بأقل من مد من المتوسط فحصل التفاضل * قال أبو محمد: وهذا في غاية الفساد لأنه ليس كما قالوا، وحتى لو أنه أراد ذلك لكان عمله مخالفا لإرادته فحصلوا على التكهن. والظن الكاذب وإنما يراعى في الدين الكلام والعمل فإذا جاء كما أمر الله تعالى ورسوله عليه السلام فما نبالي بما في قلوبهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم أبعث لا شق عن قلوب الناس) فان قالوا:
فقد قال عليه السلام: (الأعمال بالنيات) قلنا: نعم ولكن من لكم بأن هذين نويا ما ذكرتم وهذا منكم ظن سوء (1) بمسلم لم يخبر كم بذلك عن نفسه، وليس في الظلم أكثر من أن تفسدوا صفقة مسلم بتوهمكم أنه أراد الباطل وهو لم يخبر كم ذلك فقط عن نفسه ولا ظهر من فعله الا الحلال المطلق ويلزمكم على هذا إذا رأيتم من يشترى تمرا أو تينا أو عنبا أو تفسخوا صفقته وتقولوا له: إنما تنوى (2) فيه عمل الخمر منه ومن اشترى ثوبا أن تفسخوه وتقولوا له: إنما تريد تلبسه في المعاصي، ومن اشترى سيفا أن تفسخوا وتقولوا: إنما تريد به قتل المسلمين، وهذا هوس لا نظير له ولا فرق بين شئ من هذا وبين ما أفسدتم به المسألة المتقدمة * روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا حماد بن زيد نا أيوب الخستياني قال: كان محمد بن سيرين يأتي بالدراهم السود الجياد وبالنفاية يأخذ بوزنها غلة * قال على: السود أجود من الغلة والنفاية أدنى من الغلة وهذا نفس مسألتنا * 1499 مسألة ومن صارف آخر دنانير بدراهم فعجز عن تمام مراده فاستقرض من مصارفه أو من غيره ما أتم به صرفه فحسن ما لم يكن عن شرط في الصفقة لأنه لم يمنع من هذا قرآن ولا سنة * 1500 مسألة ومن باع من آخر دنانير بدراهم فلما تم البيع بينهما بالتفرق أو التخير اشترى منه أو من غيره بتلك الدراهم دنانير تلك أو غيرها أقل أو أكثر فكل ذلك حلال ما لم يكن عن شرط لان كل ذلك عقد صحيح وعمل منصوص على جوازه، وأما الشرط فحرام لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، ومنع من هذا قوم وقالوا: أنه باع منه دنانير بدنانير متفاضلة فقلنا: هذا كذب وما فعل (3) قط شيئا من ذلك بل هما صفقتان ولكن أخبرونا هل له أن يصارفه بعد شهر أو سنة بتلك الدراهم وتلك الدنانير عن غير شرط؟ فمن قولهم نعم فقلنا لهم: فأجزتم التفاضل والنسيئة معا