أربعين ثم أتي به أبو بكر فصنع مثل ذلك ثم اتي به عمر فاستشار الناس في الحدود فقال ابن عوف أقل الحدود ثمانون فضربه عمر متفق عليه، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم حجه لا يجوز تركه بفعل غيره، ولا ينعقد الاجماع على ما خالف فعل النبي وأبي بكر وعلي رضي الله عنهما فتحمل الزيادة من عمر على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رآه الإمام (الفصل الرابع) ان الحد إنما يلزم من شربها مختارا لشربها فإن شربها مكرها فلا حد عليه ولا اثم سواء أكثره بالوعيد والضرب أو ألجئ إلى شربها بأن يفتح فوه وتصب فيه فإن النبي صلى الله عليه السلام قال (عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وكذلك المضطر إليها لدفع غصة بها إذا لم يجد مائعا سواها فإن الله تعالى قال في آية التحريم (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) وإن شربها لعطش نظرنا، فإن كانت ممزوجة بما يروي من العطش أبيحت لدفعه عند الضرورة كما تباح الميتة عند المخمصة وكاباحتها لدفع الغصة. وقد روينا في حديث عبد الله بن حذافة انه أسره الروم فحبسه طاغيتهم في بيت فيه ماء ممزوج بخمر ولحم خنزير مشوي ليأكله ويشرب الخمر وتركه ثلاثة أيام فلم يفعل ثم أخرجوه حين خشوا موته فقال والله لقد كان الله أحله لي فاني مضطر ولكن لم أكن لأشمتكم بدين الاسلام، وإن شربها صرفا أو ممزوجه بشئ يسير لا يروي من العطش أو شربها للتداوي لم يبح له ذلك وعليه الحد، وقال أبو حنيفة يباح شربها لهما وللشافعية وجهان كالمذهبين، ووجه ثالث يباح شربها للتداوي دون العطش لأنها حال ضرورة فأبيحت فيها لدفع الغصة وسائر ما يضطر إليه
(٣٣٠)