يبدأ به لخفته ثم بحد القذف و أيهما قدم فالآخر يليه ثم بحد الزنا فإنه لا اتلاف فيه ثم بالقطع هكذا ذكره القاضي وقال أبو الخطاب يبدأ بالقطع قصاصا لأنه حق آدمي متمحض فإذا برأ حد للقذف إذا قلنا هو حق آدمي ثم بحد الشرب فإذا برأ حد للزنا لأن حق الآدمي يجب تقديمه لتأكده (النوع الثاني) أن تجتمع حدود لله تعالى وحدود لآدمي وفيها قتل فإن حدود الله تعالى تدخل في القتل سواء كان من حدود الله تعالى كالرجم في الزنا والقتل للمحاربة أو الردة أو لحق آدمي كالقصاص لما قدمناه، وأما حقوق الآدمي فتستوفى كلها ثم إن كان القتل حقا لله تعالى استوفيت الحقوق كلها متوالية لأنه لا بد من فوات نفسه فلا فائدة في التأخير، وإن كان القتل حقا لآدمي انتظر باستيفائه الثاني برأه من الأول لوجهين (أحدهما) ان الموالاة بينهما يحتمل ان تفوت نفسه قبل القصاص فيفوت حق الآدمي (والثاني) أن العفو جائز فتأخيره يحتمل ان يعفو الولي فيحيا بخلاف القتل حقا لله سبحانه (النوع الثالث) ان يتفق الحقان في محل واحد ويكون تفويتا كالقتل والقطع قصاصا وحدا فإن كان فيه ما هو خالص لحق الله تعالى كالرجم في الزنا وما هو حق لآدمي كالقصاص قدم القصاص لتأكد حق الآدمي وان اجتمع القتل للقتل في المحاربة والقصاص بدئ بأسبقهما لأن القتل في في المحاربة فيه حق لآدمي أيضا فيقدم أسبقهما فإن سبق القتل في المحاربة استوفي ووجب لولي المقتول الآخر ديته في مال الجاني، وإن سبق القصاص قتل قصاصا ولم يصلب لأن الصلب من تمام الحد وقد سقط الحد بالقصاص فسقط الصلب كما لو مات، ويجب لولي المقتول في المحاربة ديته لأن القتل تعذر استيفاؤه وهو قصاص فصار الوجوب إلى الدية، وهكذا لو مات القاتل في المحاربة وجبت الدية في تركته لتعذر استيفاء القتل من القاتل، ولو كان القصاص سابقا فعفا ولي المقتول استوفي للمحاربة سواء عفا مطلقا أو إلى الدية وهذا مذهب الشافعي، وأما القطع فإذا اجتمع وجوب القطع في يد أو رجل قصاصا وحدا قدم القصاص على الحد المتمحض لله تعالى لما ذكرناه سواء تقدم سببه أو تأخر وان عفا ولي الجناية استوفي الحد فإذا قطع يدا وأخذ المال في المحاربة قطعت يده قصاصا وينتظر برؤه فإذا برأ قطعت رجله للمحاربة لأنهما حدان وإنما قدم القصاص في القطع دون القتل لأن القطع في المحاربة حد محض وليس بقصاص والقتل فيها يتضمن القصاص ولهذا لو فات القتل في المحاربة وجبت الدية ولو فات القطع لم يجب له بدل، وإذا ثبت أنه يقدم القصاص على القطع في المحاربة فقطع يده
(٣٢٣)