والقصد والسكران لا يصح عقده ولا قصده فأشبه المعتوه ولأنه زائل العقل فلم تصح ردته كالنائم ولأنه غير مكلف فلم تصح ردته كالمجنون والدليل على أنه غير مكلف ان العقل شرط في التكليف وهو معدوم في حقه ولهذا لم تصح استتابته ولنا ان الصحابة رضي الله عنهم قالوا في السكران: إذا سكر هذى وإذا هذا افترى فحدوه حد المفتري فأوجبوا عليه حدا الفرية التي يأتي بها في سكره وأقاموا مظنتها مقامها ولأنه يصح طلاقه فصحت ردته كالصاحي وقوهم ليس بمكلف ممنوع فإن الصلاة واجبة عليه وكذلك سائر أركان الاسلام ويأثم يفعل المحرمات وهذا معنى التكليف ولان السكران لا يزول عقله بالكلية ولهذا يتقي المحذورات ويفرح بما يسره ويساء بما يضره ويزول سكره عن قرب من الزمان فأشبه الناعس بخلاف النائم والمجنون واما استتابته فتؤخر إلى حين صحوه ليكمل عقله ويفهم ما يقال له وتزال شبهته إن كان قد قال الكفر معتقدا له كما تؤخر استتابته إلى حين زوال شدة عطشه وجوعه ويؤخر الصبي إلى حين بلوغه وكمال عقله ولان القتل جعل للزجر ولا يحصل الزجر في حال سكره وان قتله قاتل في حال سكره لم يضمنه لأن عصمته زالت بردته وان مات أو قتل لم يرثه ورثته ولا يقتله حتى يتم له ثلاثة أيام ابتداؤها
(١٠٩)