وروي أن الحارث بن عمرو الغطفاني بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن جعلت لي شطر ثمار المدينة والا ملأتها عليك خيلا ورجلا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم حتى أشاور السعود يعني سعد بن عبادة وسعد ابن معاذ وسعد بن زرارة فشاورهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إن كان هذا أمر من السماء فتسليم لأمر الله تعالى وإن كان برأيك وهواك اتبعنا رأيك وهواك، وإن لم يكن أمرا من السماء ولا برأيك وهواك فوالله ما كنا نعطيهم في الجاهلية بسرة ولا تمرة إلا شراء أو قرى فكيف وقد أعزنا الله بالاسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرسوله أتسمع؟ فعرضه النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم ضعفهم من قوتهم فلولا جوازه عند الضعف لما عرضه عليهم (فصل) ولا يجوز عقد الهدنة ولا الذمة إلا من الإمام أو نائبه لأنه عقد مع جملة الكفار وليس ذلك لغيره ولأنه يتعلق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة على ما قدمناه ولان تجويزه من غير الإمام يتضمن تعطيل الجهاد بالكلية أو إلى تلك الناحية وفيه افتيات على الإمام فإن هادنهم غير الإمام أو نائبه لم يصح. وإن دخل بعضهم دار الاسلام بهذا الصلح كان آمنا لأنه دخل معتقدا للأمان ويرد إلى دار الحرب ولا يقر في دار الاسلام لأن الأمان لم يصح وإن عقد الإمام الهدنة ثم مات أو عزل لم ينتقض عهده وعلى من بعده الوفاء به لأن الإمام عقده باجتهاده فلم يجز نقضه باجتهاد غيره كما لو يجز للحاكم نقض أحكام من قبله باجتهاد، وإذا عقد الهدنة لزمه الوفاء بها لقول الله تعالى (يا أيها
(٥٢٠)