كيفية التقسيم: لها النصف فرضا (1)، والباقي ردا بالقرابة.
(1) أقول: قد يقال: إذا نقصت الفريضة عن السهام يكون الناقص على البنت، كما أنه لو زادت الفريضة على السهام كان الزائد بينها وبين غيرها ممن يرد عليهم أو تختص به هي لو انفردت، فعلى هذا ليس هنا مورد ترث فيه البنت الواحدة النصف فقط، بل إما أن يزيد أو ينقص، وقد نصت الآية المباركة على النصف.
وفيه: ان التقسيم بالنصف أو الربع أو السدس ونحوها في الآيات المباركة لو كان تقسيما على الاطلاق كان الأمر كما ذكر، ولكن ظاهر الآيات المباركة كون التقسيم تقسيما بالنسبة - لا على الاطلاق - ولهذا التقسيم باب في علم الحساب، ومنه ما نسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما أوصى رجل له سبعة عشر بعيرا بان يعطى أحد أولاده نصفا، والآخر ثلثا، والثالث تسعا، فأضاف (عليه السلام) إليها بعيرا فصارت ثمانية عشر فقسمها بينهم لصاحب النصف تسعة، ولصاحب الثلث ستة، ولصاحب التسع اثنان، فبقي واحد فأخذه (عليه السلام) وهذا التقسيم هو التقسيم الصحيح بحسب موازين القسمة بالنسبة.
ونقول في توضيح الفرق بين التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة - كما ذكره سيدنا الأستاذ السيد الخوئي (رحمه الله) في الدرس - ان المال الواحد إذا جعل لأشخاص على حسب الحصص المشاعة بينهم فكان المال زائدا على حصصهم، فاما أن لا يكون من الأول لهم بل لهم الحصص فقط، واما ان يكون المال من الأول لهم، ثم تبين كيفية التقسيم على الحصص المذكورة. ومثال ذلك في باب الوصية، فإنه تارة يوصي الميت بان لولده الأكبر نصف الأغنام، ولولده الأوسط، ربعها ولولده الأصغر ثمنها، فيبقى حينئذ ثمن الأغنام خارجا عن مورد الوصية فينتقل إلى الورثة. وأخرى يوصي أن تكون جميع الأغنام لهم ثم يبين كيفية القسمة، كما لو قال ما اتركه من الأغنام كلها لولدي الثلاثة، نصفها للأكبر وربعها للأوسط وثمنها للأصغر، فإذا قسم المال بينهم يزيد ثمنا، وهذا الثمن أيضا داخل في الوصية فنصفه للأكبر وربعه للأوسط وثمنه للأصغر، ويبقى ثمن الثمن أيضا فيقسم هكذا وهكذا إلى أن تستوفى الفريضة. ومورد التقسيم بالنسبة إنما هو الثاني لا الأول، والمستفاد من آيات الإرث ان الوارث هم أولوا الأرحام والأقربون، فما تأخذه البنت إذا اجتمعت مع الأبوين " أو مع أحدهما " النصف بالنسبة إلى التركة، فلو ترك الميت 30 دينارا كان لها 15 ولكل من أبويها 5 والباقي 5 أيضا من التركة، فتأخذ البنت نصفه والأبوان سدسيه ويبقى سدس السدس وهكذا، إلى أن تستوفى الفريضة، وكذا لو انفردت البنت فلها النصف 15 ونصف النصف الباقي وهو 500 / 7 ونصف النصف الباقي وهو 750 / 3 وهكذا إلى أن تستوفى الفريضة، فلا تتصور هنا زيادة ابدا، لان التقسيم كما هو ظاهر الآيات المباركة تقسيم بالنسبة لا على الاطلاق.
وبهذا يتضح صحة ما ذهب اليه فقهاؤنا الاعلام تبعا لما ورد عن أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) من بطلان التعصيب، إذ لا زيادة في البين، بل حكم الباقي حكم الأصل، ففي فم العصبة التراب.