بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا، فبين تعالى أن أولى الأرحام أولى من المهاجرين إلا أن يكون وصية، ولقوله تعالى:
للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، الآية.
ثم قدر ذلك في سورة النساء في ثلاث آيات وهي أمهات أحكام المواريث ذكر الله فيها أصول الفرائض، وهي سبع عشرة فريضة، فذكر في قوله: يوصيكم الله في أولادكم، ثلاثا في الأولاد وثلاثا في الأبوين واثنتين في الزوج واثنتين في المرأة واثنتين في الأخوات من الأم، وذكر في آخر هذه السورة في قوله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم، الآية. أربعا في الإخوة والأخوات من الأب والأم أو الأب مع عدمهم من الأب والأم، وذكر واحدة وهي تمام السبع عشرة فريضة في قوله: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
فصل: في بيان ذلك:
ذكر تعالى أولا فرض ثلاثة من الأولاد، جعل للبنت النصف وللبنتين فصاعدا الثلثين وإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين ثم بين ذكر الوالدين في قوله: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن جان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس، ذكر أن لكل واحد من الأبوين السدس مع الولد بالفرض، فإن لم يكن ولد فللأم الثلث والباقي للأب، وإن كان إخوة من الأب والأم أو من الأب فلأمه السدس والباقي للأب هذه الآية الأولى.
ثم قال: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، فذكر في صدر الآية حكمهم وذكر في آخرها حكم الكلالة من الأم، ذكر في أولها حكم الزوج والزوجة وأن للزوج النصف إذا لم يكن ثم ولد فإن كان ولد فله الربع، وأن للزوجة الربع إذا لم يكن ولد فإن كان ولد فلها الثمن، ثم عقب بكلالة الأم فقال: إن كان له أخ من أم أو أخت منها فله أو لها السدس وإن كانوا اثنين فصاعدا فلهم الثلث، وفي قراءة ابن مسعود: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس.
وأيضا فإن الله لما ذكر أنثى وذكرا وجعل لهما الثلث ولم يفصل أحدهما عن الآخر