ثم إنه بناءا على وجوب الاحرام من مسجد الشجرة، لو عصى وجاوز بلا احرام منه أو نسي أو جهل، فهل يصح له الاحرام من جحفة أو يجب عليه الرجوع إلى ذي الحليفة والاحرام منها؟ الظاهر هو الأول، لكفاية الاحرام من الجحفة لكل من يمر منها، وإن أثم بترك الاحرام قبل ذلك عند المرور من الميقات.
ويدل عليه أيضا رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة؟ فقال: من الجحفة ولا يجاوز الجحفة إلا محرما (1).
ورواية معاوية بن عمار أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة. فقال: لا بأس (2).
ولا يعارضهما ما تقدم من الأخبار المقيدة لجواز الاحرام من الجحفة بصورة الضرورة والاضطرار، إذ لا مانع بين عدم جواز تأخير الاحرام من الشجرة إلا عند الضرورة وبين اجزاء الاحرام من الجحفة لو عصى وجاوز الشجرة من غير ضرورة، فإن الأول حكم تكليفي مقيد بما ذكر، والثاني حكم وضعي لا قيد له، ونقل عن بعض أنه قال: وينبغي القطع بذلك.
لا يقال: إن الأخبار الدالة على وجوب الرجوع إلى الميقات على من نسي وجاوز بغير احرام عمدا أو جهلا إذا تمكن يشمل ما نحن فيه، فيجب الرجوع على من مر بالشجرة ولم يحرم منها من غير عذر.