إن الشجرة من حيث أنه ميقات يقتضي ذلك دون سائر الخصوصيات ولعل ما ذكرناه هو السر في كلام من أفتى بجواز الاحرام من ساير المحاذاة أيضا.
وأما مقتضى القاعدة الموجودة في المسألة، فتارة يقال إنه قد تحصل من النصوص الواردة وثبت بها أن لكل من يريد الاحرام لدخول مكة وقتا خاصا يجب احرامه منها، وأخرى أنه لم يثبت من النصوص هذا الحكم على نحو العموم الشامل لكل من يريد الاحرام لدخول مكة.
فإن قلنا بالأول فيجب على من يسير في طريق لا يفضي إلى ميقات، أن يذهب إلى أحد المواقيت وأحرم منه، لأن ذمته قد اشتغلت بوجوب الاحرام من المواقيت الخاصة، والشغل اليقيني يقتضي البراءة كذلك، فإذا لم يحرم من أحد المواقيت وإن أحرم من المحاذاة حذاء الشجرة أو غيرها لا يحصل القطع بالبراءة والفراغ من الذمة، لولا الدليل الخاص على كفاية الاحرام من المحاذاة كما في محاذاة مسجد الشجرة.
وأما إذا قلنا بعدم ثبوت ميقات خاص لكل واحد من المحرمين بل قلنا إن المستفاد من الأدلة أن من مر في طريقه بأحد المواقيت الخمسة أو الستة يجب عليه أن لا يجاوزه إلا محرما، فحينئذ لا يجب عليه العبور والمرور بأحد المواقيت، ولو شك في الوجوب فينفيه الأصل والبراءة.