واللاحق وفيه علم الشر والخير وحكم الايمان وفيه علم النفوس الجزئية وفيه علم صفات المقربين وفيه علم الضلال والهدى وفيه علم إقامة الواحد مقام الجمع والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والسبعون وثلاثمائة) في معرفة منزل يجمع بين الأولياء والأعداء من الحضرة الحكمية ومقارعة عالم الغيب بعضهم مع بعض وهذا المنزل يتضمن ألف مقام محمدي إن المغانم نار الحق تأكلها * فمن يكن بدلا منها فقد عصما منها فليس لها عليه سلطنة * فذلك نائبه في الخلق قد حكما وما مضى فهو منسوخ بعامله * يوم القيامة بالنسخ الذي رسما فالكل ينعم ملتذ بمنزله * أهل الجنان وأهل النار والقدماء من لم يكن حظه علما ومعرفة * فما تقدم في شأو الهوى قدما الله يرزقها من علم رحمته * حظا يبلغنا منازل العلما اعلم أن الله تعالى قد أبان لعباده في هذا المنزل أن له فيه حظا وافرا من حظوظ عباده ومن أجل هذا قال رسول الله ص حق الله أحق بالقضاء يعني من حق المخلوق وقال في القرآن العزيز من بعد وصية يوصى بها أو دين فقدم الوصية على الدين والوصية حق الله لأنه الذي أوجبها علينا حين أوجبها الموصي في المال الذي له فيه تصرف والفقهاء يقدمون الدين على الوصية خلافا لما ورد به حكم الله إلا بعض أهل الظاهر فإنهم يقدمون الوصية على الدين وبه أقول وجعل الله الحظ الذي له في الصلاة على النصف وهو دون هذا الحظ الآخر فقال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فساوى سبحانه في هذه القسمة بين الله وبين عبده إذا صلى وقال في حظه في المغنم إن له الخمس وحده من المغنم وما بقي وهو أربعة أخماس تقسم على خمسة فلكل صنف من الحظ دون ما لله فحظ الله في هذا المقسوم أكثر من حظه في الصلاة بالنسبة إلى هذا الحال بينه وبين عبيده وإلا فحظ النصف أعظم من حظ الخمس فقسم الصلاة أكثر من قسم المغنم وبالنظر في عين الموطن والقسمة الخاصة فحظه في المغنم بالنظر إلى ما بقي من الأصناف المقسوم عليهم أعظم فأنزل الحق نفسه من عباده منزلة أنفسهم وعاملهم بما يتعاملون به وفي موطن آخر يقول ليس كمثله شئ فنفى المماثلة وفي موضع آخر يقول المترجم عنه إن الله خلق آدم على صورته ثم إنه جعل الإنسان محل ظهور الأسماء فيه وأطلقها عليه فللعبد التسمية بكل اسم تسمى به الحق وإن اختلفت النسب فمعقولية مدلول الاسم واحدة لا تتغير ثم إنه جعل بعضهم خليفة عنه في أرضه وجعل له الحكم في خلقه وشرع له ما يحكم به وأعطاه الأحدية فشرع إنه من نازعه في رتبته قتل المنازع فقال رسول الله ص إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وجعل بيده التصرف في بيت المال وصرف له النظر عموما وأمرنا بالطاعة له سواء جار علينا أو عدل فينا فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وهم الخلفاء ومن استخلفه الإمام من النواب فإن الله قد جعل له أن يستخلف كما استخلفه الله فبأيديهم العطاء والمنع والعقوبة والعفو كل ذلك على الميزان المشروع فلهم التولية والعزل كما أن الحق بيده الميزان يخفض القسط ويرفعه وذلك الميزان هو الذي أنزله إلى الأرض بقوله ووضع الميزان ثم قال إنه يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار كذلك الخليفة نرفع إليه أعمال الرعية يرفعها إليه عماله وجباته فيقبل منها ما شاء ويرد منها ما شاء فكل ما ذكره الحق لنفسه من التصرف في خلقه ولم يعينه جعل للإمام أن يتصرف به في عباده ثم إن الله جعل له أعداء ينازعونه في ألوهيته كفرعون وأمثاله كذلك جعل الله للخلفاء منازعين في رتبتهم وجعل له أن يقاتلهم ويقتلهم إذا ظفر بمن ظفر منهم كما يفعل سبحانه مع المشركين ومدة إقامتهم كمدة إمهال الله إياهم وأخذ الخليفة وظفره بهم كزمان الموت لهؤلاء حتى لو قابلت النسختين ما اختلفتا في حرف واحد في الحكم وكما إن الحق يحكم بسابق علمه في خلقه يحكم الخليفة بغلبة ظنه لأن الخليفة ليست له مرتبة العلم بكل ما يجري في ملكه ولا يعلم المحق من المبطل وإنما هو بحسب ما تقوله لبينة كما يفعله الله مع خلقه مع علمه
(٤٧٥)