ومن ذلك صورة العالم كله وترتيب طبقاته روحا وجسما وعلوا وسفلا (وصل) فلنتكلم على كل صورة صورة منها على ما هو الأمر عليه في نفسه في فصول تسعة كما رسمناها في وجوه تسعة من التصوير وما جعلتها على الترتيب من التقديم والتأخير ولكن الكلام عليها يبين المتقدم من ذلك والمتأخر والمجمل والمفصل (الفصل الأول في ذكر العماء وما يحوي عليه إلى عرش الاستواء) اعلم أن الله موصوف بالوجود ولا شئ معه موصوف بالوجود من الممكنات بل أقول إن الحق هو عين الوجود وهو قول رسول الله ص كان الله ولا شئ معه يقول الله موجود ولا شئ من العالم موجود فذكر عن نفسه بدء هذا الأمر أعني ظهور العالم في عينه وذلك أن الله تعالى أحب أن يعرف ليجود على العالم بالعلم به عز وجل وعلم أنه تعالى لا يعلم من حيث هويته ولا من حيث يعلم نفسه وأنه لا يحصل من العلم به تعالى في العالم إلا أن يعلم العالم أنه لا يعلم وهذا القدر يسمى علما كما قال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك إذ قد علم إن في الوجود أمرا ما لا يعلم وهو الله ولا سيما للممكنات من حيث إن لها أعيانا ثابتة لا موجودة مساوقة لواجب الوجود في الأزل كما إن لنا تعلقا سمعيا ثبوتيا لا وجوديا بخطاب الحق إذا خاطبنا وأن لها قوة الامتثال كذلك لها جميع القوي من علم وبصر وغير ذلك كل أمر ثبوتي وحكم محقق غير وجودي وعلى تلك الأعيان وبها تتعلق رؤية من يراها من الموجودات كما ترى هي نفسها رؤية ثبوتية فلما اتصف لنا بالمحبة والمحبة حكم يوجب رحمة الموصوف بها بنفسه ولهذا يجد المتنفس راحة في تنفسه فبروز النفس من المتنفس عين رحمته بنفسه فما خرج عنه تعالى إلا الرحمة التي وسعت كل شئ فانسحبت على جميع العالم ما كان منه وما لا يكون إلى ما لا يتناهى
(٤٢٩)