لله وهم أصحاب تكليف بأمر لا بنهي فهم يسارعون إلى امتثال أوامر الله لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فلا يبقى عذاب في النار بعد انقضاء مدته إلا العذاب الممثل المتخيل في حضرة الخيال لبقاء أحكام الأسماء فإنه ليس للاسم إلا ما تطلبه حقيقته من ظهور حكمه وليس له تعيين حضرة ولا شخص وإنما ذلك من حكم الاسم العالم والمريد فحيث ظهر حكم المنتقم من جسد أو جسم أو ما كان فقد استوفى حقه بظهور حكمه وتأثيره فلا تزال الأسماء الإلهية مؤثرة حاكمة أبد الآبدين في الدارين وما أهلهما منهما بمخرجين ولما كانت الرؤية لأهل الجنان جعل الحجاب في مقابلته لأهل النار وحجابهم مدة عذابهم حتى لا تزيدهم الرؤية عذابا كما زادتهم السورة القرآنية هنا رجسا إلى رجسهم ومرضا إلى مرضهم فإذا انقضت المدة بقي الحجاب دونهم مسدلا لينعموا فإنه لو تجلى لهم هنالك مع ما تقدم لهم من الإساءة واستحقاق العقوبة أورثهم ذلك التجلي الإحساني حياء من الله مما جرى منهم والحياء عذاب وقد انقضت مدته وهم لا يعلمون لذة الشهود والرؤية فلهم نعيم بالحجاب والغرض النعيم وقد حصل ولكن بمن فأين النعيم برؤية الله من النعيم بالحجاب فهم عن ربهم يومئذ محجوبون والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (الباب الثاني والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل الحراسة الإلهية لأهل المقامات المحمدية وهو من الحضرة الموسوية) كل من مال لاستدارة كون * فهو طور وجمعه أطوار وهو عطف الإله ليس سواه * فهو سر في كوننا مستعار بدء أعياننا به لوجوب * يحكم العقل فيه والاضطرار لو تناهى الوجود ما كان كورا * فلهذا عقل اللبيب يحار اعلم أيدك الله أن الله تعالى يقول في حق موسى ع معرفا إيانا وناديناه من جانب الطور الأيمن فجعل النداء من الطور لانحنائه لأنه خرج في طلب النار لأهله لما كان فيه من الحنو عليهم الذي أورثه الانحناء على من خلق من الانحناء وهي أهله لأنها خلقت بالأصالة من الضلع والضلع له الانحناء وكان الانحناء في الأضلاع لاستقامة النشأة وحفظ ما انحنت عليه من الأحشاء لتعم بانحنائها جميع ما تحتوي عليه فتتساوى أجزاؤها في الحفظ لها بخلاف ما لو كانت على غير استدارة لكانت فيها زوايا فارغة بعيدة من الحفظ الذي خلقت له ووقع التجلي لموسى في عين صورة حاجته فرأى نارا لأنها مطلوبه فقصدها فناداه ربه منها وهو لا علم له بذلك لاستفراغه فيما خرج له وهو قولنا في قصيدة لنا في جزء الزينبيات كنار موسى يراها عين حاجته وهو الإله ولكن ليس يدريه واعلم أن الله ما خلق الذي خلق من الموجودات خلقا خطيا من غير أن يكون فيه ميل إلى الاستدارة أو مستديرا في عالم الأجسام والمعاني وقال تعالى في السماوات وهو ما علا وفي الأرض وهو ما سفل إذ لا أسفل منها إنه لا يؤده حفظهما فوصف نفسه بأنه لكل شئ حفيظ والحفظ حنو من الحافظ على المحفوظ فيكون في شكل كل صورة الأجسام انحناء وفي المعاني والأرواح حنو فلنذكر سبب ميل الأجسام إلى الاستدارة وذلك إن أول شكل قبله الجسم الاستدارة وهو المسمى فلكا أي مستديرا وعن حركة ذلك الفلك ظهر عالم الأجسام علوا وسفلا فمنه ما ظهر بصورة ذات الأصل وهو كل من كملت فيه الاستدارة والتقى طرفا الدائرة ومن نقص عن هذه الصورة لا بد أن يوجد فيه ميل إلى الاستدارة يظهر ذلك حسا في الأجسام حتى في أوراق الأشجار والأحجار والجبال والأغصان فما في عالم الأجسام خط غير مائل إلا بالفرض والتوهم لا بالوقوع وإنما ظهر الجسم بصورة الاستدارة أعني الجسم الكل الظاهر بالشكل لأن الله أراد أن يملأ به الخلأ فلو لم يكن مستدير الشكل لبقى في الخلأ ما ليس فيه ملأ والخلاء استدارة متوهمة لا في جسم وإنما وقع الأمر هكذا الصدور الأشياء عن الله ورجوعها فمنه بدأ وإليه يعود فلا بد أن يكون هذا الأمر في عالم الشكل صورة دائرة لأنه لا يعود إليه على الطريق الذي خرج عليه وإنما امتداده ينتهي إلى مبدئه ولا يكون ذلك في الشكل الخطي لأنه لو كان لم يعد إليه أبدا وهو عائد إليه فلا بد من الاستدارة فيه معنى وحسا ومن خلقه العالم على الصورة إن خلقه مستدير الشكل فانظر في حكمة الله ولما كان المرجع إليه ليظهر الحنو الذي صورته انحناء لذلك عمت رحمته جميع الموجودات ووسعت كل شئ كما
(١١٩)