بالمراتب وفيه علم الأنساب والأحساب وما يقع به الشرف في الانتساب وما لا يقع ونهى النبي ص عن الطعن في الأنساب وفيه علم الأهوال الشاغلة وفيه علم الجبر ومن هو المجبور وفيه علم التنزيه وفيه علم عواقب الثناء وأوائله وفيه علم الأحكام ولمن تنسب ومن يحكم بها وفيه علم التقدير الذي لم يقع لو وقع ما ينتج وهل ترك وقوعه من باب الرحمة بالعالم أم لا وفيه علم إقامة الحجج وفيه علم الابتلاء وما فائدته وفيه علم صنعة الكيمياء وفيه علم الاعتبار وفيه علم التمني وما يفيد منه وينفع المتمني وما لا يفيد ولا ينفع وفيه علم أهلية كل موجود لما أهل له وفيه علم من جازى بأفضل مما عمل له ومن أجاب بأكثر مما سئل عنه وفيه علم ما نهي عنه المؤمن هل هو بقاء على الأصل لأنه ترك ولما ذا تأخر عن الأمر وكلاهما حكم الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والخمسون وثلاثمائة في معرفة منزل البهائم من الحضرة الإلهية وقهرهم تحت سرين موسويين) هيهات ما تسدل الأستار والكلل * إلا لأمر عظيم كله جلل لو أن ما سترت يبدو لأعيننا * لما بدت نحل فينا ولا ملل ولا بد أعرض في طيه مرض * ولا دواء ولا طب ولا علل ولا جديد تكون النفس تلبسه * ولا التوسط منه لا ولا الثمل إن الستور ترى في العين صورتها * وليس يدركها في ذلكم ملل وأعين الكون خلف الستر ناظرة * والحجب تبصر ما لا تبصر المقل اعلم أيدك الله أيها الطالب أن معرفة الأمور على ما هي عليه في أنفسها إنك لا تعلم ذلك إلا إذا أوقفك الله عليك من نفسك وأشهدك ذلك من ذاتك فيحصل لك ما طلبته ذوقا عند ما تقف عليه كشفا ولا سبيل إلى حصول ذلك إلا بعناية أزلية تعطيك استعدادا تاما لقبوله برياضات نفسية ومجاهدات بدنية وتخلق بأسماء إلهية وتحقق بأرواح طاهرة ملكية وتطهير بطهارة شرعية مشروعة لا معقولة وعدم تعلق بأكوان وتفريغ محل عن جميع الأغيار لأن الحق ما اصطفى لنفسه منك إلا قلبك حين نوره بالإيمان فوسع جلال الحق فعاين من هذه صفته الممكنات بعين الحق فكانت له مشهودة وإن لم تكن موجودة فما هي له مفقودة وقد كشف لبصيرته بل لبصره وبصيرته نور الايمان حين انبسط على أعيان الممكنات أنها في حال عدمها مرئية رائية مسموعة سامعة برؤية ثبوتية وسمع ثبوتي لا وجود له فعين الحق ما شاء من تلك الأعيان فوجه عليه دون غيره من أمثاله قوله المعبر عنه باللسان العربي المترجم بكن فأسمعه أمره فبادر المأمور فتكون عن كلمته لا بل كان عين كلمته ولم تزل الممكنات في حال عدمها الأزلي لها تعرف الواجب الوجود لذاته وتسبحه وتمجده بتسبيح أزلي وتمجيد قديم ذاتي ولا عين لها موجودة ولا حكم لها مفقود فإذا كان حال الممكنات كلها على ما ذكرناه من هذه الصفات التي لا جهل معها فكيف تكون في حال وجودها وظهورها لنفسها جمادا لا ينطق أو نباتا بتعظيم خالقه لا يتحقق أو حيوانا بحاله لا يصدق أو إنسانا بربه لا يتعلق هذا محال فلا بد أن يكون كل ما في الوجود من ممكن موجود يسبح الله بحمده بلسان لا يفقه ولحن ما إليه كل أحد يتنبه فيسمعه أهل الكشف شهادة ويقبله المؤمن إيمانا وعبادة فقال تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا فجاء باسم الحجاب والستر وهو قوله غفورا وجاء بالاسم الذي يقتضي تأخير المؤاخذة إلى الآجل وعدم حكمها في العاجل وهو الحليم لما علم إن في عباده من حرم الكشف والايمان وهم العقلاء عبيد الأفكار والواقفون مع الاعتبار فجازوا من الظاهر إلى الباطن مفارقين الظاهر فعبروا عنه إذ لم يكونوا أهل كشف ولا إيمان لما حجب الله أعينهم عن مشاهدة ما هي عليه الموجودات في أنفسها ولا رزقوا إيمانا في قلوبهم يكون له نور يسعى بين أيديهم وأما المؤمنون الصادقون أولوا العزم من الأولياء فعبروا بالظاهر معهم لا من الظاهر إلى الباطن وبالحرف عينه إلى المعنى ما عبروا عنه فرأوا الأمور بالعينين وشهدوا بنور إيمانهم النجدين فلم يتمكن لهم إنكار
(٢٥٧)