بسم الله الرحمن الرحيم (الباب الأحد والستون وثلاثمائة في معرفة منزل الاشتراك مع الحق في التقدير وهو من الحضرة المحمدية) لو كان في الكون غير الله ما وجدوا * ما كان من فاعل فيه ومنفعل لكنه واحد في الكون منفرد * بالاختراع وبالتبديل للدول وليس يرجع تكوين إلى عدم * ولا استقامته في العين عن ميل فانظر إلى دول في طيها ملل * وانظر إلى ملل تبين عن نحل وأرقى بها فلكا من فوقه فلك * من الهلال على قصد إلى زحل أتى بها ملك من سدرة بلغت * نهاية الأمر في ستر من الكلل ولا تناد بما نادت به فرق * يا مبدأ الأمر بل يا علة العلل لأنه لقب أعطت معالمه * فقرا يقوم به كسائر العلل اعلم أيدك الله بروح منه أن الله عز وجل يقول لإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي على جهة التشريف والاختصاص لآدم ع استكبرت في نظرك وكذلك كان فإن الله أخبر عنه أنه استكبر وقال لنا عز وجل في كتابه العزيز إن إبليس قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين وقال لما قيل له اسجد أأسجد لمن خلقت طينا فهذا معنى قولنا في نظرك أم كنت من العالين في نفس الأمر أي إنك في نفس الأمر خير منه فهنا ظهر جهل إبليس وقد يريد بالعالين الملائكة المهيمة في جلال الله الذين لم يدخلوا تحت الأمر بالسجود وهم أرواح ما هم ملائكة فإن الملائكة هي الرسل من هذه الأرواح كجبريل ع وأمثاله فإن الألوكة هي الرسالة في لسان العرب فالملائكة هم الرسل من هذه الأرواح خاصة فما بقي ملك إلا سجد لأنهم الذين قال الله لهم اسجدوا لآدم ولم تدخل الأرواح المهيمة فيمن خوطب بالسجود فإن الله ما ذكر أنه خاطب إلا الملائكة ولهذا قال فسجد الملائكة كلهم أجمعون ونصب إبليس على الاستثناء المنقطع لا المتصل وهذه الأرواح المهيمة في جلال الله لا تعلم أن الله خلق آدم ولا شيئا لشغلهم بالله يقول الله لإبليس أم كنت من العالين أي من هؤلاء الذين ذكرناهم فلم تؤمر بالسجود والسجود التطاطي في اللسان لأن آدم خلق من تراب وهو أسفل الأركان لا أسفل منه ومن هنا يعرف شرف نقطة الدائرة على محيطها فإن النقطة أصل وجود المحيط فالعالون ما أمروا بالسجود لأنهم ما جرى لهم ذكر في تعريف الله إيانا ولولا ما ذكر الله إبليس بالإباية ما عرفنا أنه أمر بالسجود فما أضاف آدم إلى يديه إلا على جهة التشريف على غيره والتنويه لتعلم منزلته عند الله ثم زاد في تشريفه بخلقه باليدين قوله معرفا الأناسي الحيوانيين بكمال الأناسي المكملين أو لم يروا الضمير في يروا يعود على الأناسي الحيوانيين أنا خلقنا لهم أي من أجلهم فالضمير في لهم يعود على الناس الكمل المقصودين من العالم بالخطاب الإلهي مما عملت أيدينا فأضاف عمل الخلق إلى الأيدي الإلهية وعم الأسماء الإلهية بالنون من أيدينا وذلك لتمام التشريف الذي شرف به آدم ع في إضافة خلقه إلى يديه أنعاما وهي من إنعامه عليهم
(٢٩٤)