كان من الحاضرين من الناس فيدخلون بينهما بغير ميزان شرعي بل حمية غرض فربما يؤدي ذلك إلى أن يكتسبوا إثما فيما سعوا به في حقهما فلهذا تكون حركة الصبي بالشر عن لمة الشيطان فافهم واعرف المواطن تقر بالعلم الأتم وإن كان غير مكلف ولا في دار تكليف ووجد التردد في أمر بين فعلين لا حرج عليه فيما يفعل منهما فذلك التردد والمنازلة بين الخاطرين كالتردد الإلهي غير أنه في العبد من أجل طلب الأولى والأعلى في حقه كما يتردد المكلف بين طاعتين أيتهما يفعل فهذا تردد إلهي ما هو عن اللمتين إنما هما غرضان أو غرض واحد تعلق بأمرين إما على التساوي أو إبانة ترجيح يقتضيه الوقت وما هو مكلف ولا في دار تكليف لأنه لولا التكليف ما قرب شيطان إنسانا بإغواء أبدا لأنه عبث والعبث لا يفعله الحق لأن الكل فعله وإليه يرجع الأمر كله فصاحب علم المنازلات لا بد له أن يقف على هذا كله وأمثاله وكل تردد في العالم كله فهذا أصله أما التردد الإلهي أو الإصبعان أو اللمتان فشئ آخر له حكم ما هنالك والأصل التردد الإلهي وما تعطيه حقائق الأسماء الإلهية المتقابلة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل فلنذكر في هذا الفصل بعض ما حصل لنا في المنازلات من المعارف الإلهية فإنها أكثر من أن تحصى فمن ذلك ما نذكره (الباب الخامس والثمانون وثلاثمائة في معرفة منازلة من حقر غلب ومن استهين منع) لا تحقرن عباد الله أن لهم * قدرا ولو جمعت لك المقامات أليس أسماؤه تبدي حقائقهم * ولو تولتهم فيها الجهالات إلا إذا انتهكوا الشرع الذي انتهكت * حرمات منتهكية السمهريات ففر من أجل حمى الرحمن أن له * عينا لمن حكمت فيه الحميات فإن أسماءك الحسنى بأسمائه * الحسنى تناط وتدنيها العنايات اعلم أيدنا الله وإياك بروح القدس أن احتقار شئ من العالم لا يصدر من تقي يتقي الله فكيف من عالم بالله علم دليل أو علم ذوق فإنه ليس في العالم عين إلا وهو من شعائر الله من حيث ما وضعه الحق دليلا عليه ووصف من يعظم شعائر الله فقال ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب أي فإن عظمتها من تقوى القلوب أو الشعائر عينها من تقوى القلوب ثم إن كان شعائر الله في دار التكليف قد حد الله لها للمكلف في جميع حركاته الظاهرة والباطنة حدودا عمت جميع ما يتصرف فيه روحا وحسا بالحكم وجعلها حرمات له عند هذا المكلف فقال ومن يعظم حرمات الله وتعظيمها أن يبقيها حرمات كما خلقها الله في الحكم فإن ثم أمورا تخرجها عن إن تكون حرمات كما تكون في الدار الآخرة في الجنة على الإطلاق من غير منع وهو قوله تعالى نتبوأ من الجنة حيث نشاء ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم وقوله إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون وارتفع الحجر فربما يقام العبد في دار التكليف في هذا الموطن فيريد التصرف فيه كما تعطيه حقيقته ولكن في موطنه فيسقط حرمات الله في ذلك فلا يرفع بها رأسا ولا يجد لها تعظيما فيفقد خيرها إذا لم يعظمها عند ربه كما قال ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وإنما قال هذا ولم يتوعد بسبب أن أصحاب الأحوال إذا غلبت عليهم كانوا أمثال المجانين ارتفع عنهم القلم فيفوتهم لذلك خير كثير عند الله ولهذا لا يطلب الحال أحد من الأكابر وإنما يطلب المقام ونحن في دار التكليف فما فاتنا في هذه الدار من ذلك فقد فاتنا خيره هنالك فنعلم قطعا أنا لسنا من أهل العناية عند الله بفوت هذا الخير هذا إذا لم تتعمل في تحصيل هذا الحال الذي يفوتنا هذا الخير فكيف بنا إذا اتصفنا بهذا الحكم المفوت للخير عن نظر في أصول الأمور حين نعرف بعض حقائقها فيكون في ذلك البعض المفوت لنا هذا الخير وقد رأينا منهم جماعة كثيرة من أصحاب النظر في ذلك من غير حال ذوقي الله يعيذنا منه حالا ونظرا ولما كان الدليل يشرف بشرف المدلول والعالم دليل على وجود الله فالعالم شريف كله فلا يحتقر شئ منه ولا يستهان به هذا إذا أخذناه من جهة النظر الفكري وهو في القرآن في قوله أفلا ينظرون إلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت الآيات النظرية كلها الواردة في القرآن وكقوله أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وقوله إن في خلق السماوات والأرض الآية وقوله ألم تر إلى ربك كيف مد الظل وقوله ألم تر أن الله
(٥٢٧)