الله واعلم أن هذه الصفة التي نبهتك عليها أعطتنا حالا ومشاهدة من حضرة القدس فهي مقرها ولا يتصف بها إلا من له عند الله أرفع المنازل فإن كان رسولا فارفع المنازل في الرسالة وإن كان نبيا فارفع المنازل في النبوة وإن كان وليا فارفع المنازل في الولاية وإن كان مؤمنا فارفع المنازل في الايمان وإن كان نصرانيا أو مجوسيا أو يهوديا أو معطلا فهو في أرفع المنازل بها في صنفه وفي مقامه أن الكبير من الرجال هو الذي * لا يدعيه مقيدا ومسودا ومهودا ومنصرا وممجسا * ومعطلا ومشركا وموحدا ومنزها ومشبها ومحيزا * وممكنا ومروحنا ومجسدا عمت صفات جلاله وجماله * كل الأنام وكان حتى يقصدا إن الغيور هو الذي لا ينثني * عن نفسه حال الضلالة والهدى وأن المحل الذي تقوم به هذه الصفة لا بد لصاحبها إن كان على أي ملة كان أو نحلة أن يرجع إلى دين الهدى ويسلم ويؤمن ويبادر إلى مكارم الأخلاق عن كشف محقق وعلم صحيح فيكون أكمل الناس إيمانا وأعظمهم منزلة عند الله عارفا بمنازل الرسل والأنبياء ع وفضل بعضهم على بعض والأولياء والمؤمنين فإن الصفة التي قادته إلى الإسلام أعظم الصفات عند الله قدرا في حق العبد فتنزله المنازل العلية وترفعه في عليين ويتلقاه من الملائكة كل ملك كريم على الله محسن في عبادة ربه هو الذي ينزل إلى هذا العبد من عند الله للمناسبة التي بين هذا الملك وبينه فيأخذ بيده فيرفعه إلى منزل هذه الصفة في عليين فلا يكون في صنفه أعلى منه منزلة إلا من عمل بعمله فإنه في درجته ومعه ويكفي هذا القدر من هذا المنزل وأما ما يحوي عليه من المسائل والعلوم فعلم كفران النعم وتفاصيل الكفر وأين ينتهي كل كفر بصاحبه مثل كفر الآبق وتارك الصلاة والكافر ببعض ما أنزل الله وعلم البدو وعلم وضع الشرائع وعلم البرازخ وعلم البعث وعلم أقوات الأرض وأمر السماوات وما يتولد بين السماء والأرض وبين توجهات الحق والكون وبين كل زوجين وعلم الإنسان والحيوان وعلم الساعة ولم سميت ساعة وهل هي في كل لسان بهذا المعنى المفهوم من اسم الساعة أم لا وهل للساعة صورة لها إدراك سمع وبصر وتميز أم لا وعلم الصفات المقومة لكل مرتبة حتى يمتاز بها أهلها وعلم الكتابين اللذين خرج بهما رسول الله ص في يديه على أصحابه فقال ص إن في الكتاب الواحد أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم وفي الكتاب الآخر أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم مع صغر حجم الكتابين وكثرة الأسماء فيعلم من ذلك إيراد الكبير على الصغير من غير تصغير الكبير أو تكبير الصغير وإلا فأي ديوان يحصر أسماء هؤلاء ويعلم أن الأمر الذي يحيله العقل لا يستحيل نسبة إلهية فتعلم أن الله قادر على المحال العقلي كإدخال الجمل في سم الخياط مع بقاء هذا على صغره وهذا على كبره ويشاهد من هذا المنزل المقام الذي وراء طور العقل من حيث ما يستقل بإدراكه من كونه مفكرا وإلا فعقل الأنبياء ع والأولياء قبل هذا الأمر من كونه قابلا لا من كونه ما ذكرناه فللعقول حد تقف عنده وليس لله حد يقف عنده بل هو خالق الحدود فلا حد له سبحانه فهو القادر على الإطلاق والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس وثلاثمائة في معرفة منزل ترادف الأحوال على قلوب الرجال من الحضرة المحمدية) حقائق الحق بالأسماء والحال * تقلب الكون من حال إلى حال وليس يدري به إلا القلوب وما * للعقل فيه مجال دون إملال يخالف العقل تقليب الوجود فما * للعقل شئ سوى قيد وأغلال فالعقل يشهد ذاتا لا انتقال لها * عنها وقلبك في تقليب أحوال إن المظاهر تقليب الإله لنا * في نفسه وهو عندي عين إضلال اعلم وفقك الله أن هذا المنزل يحوي على علوم كثيرة منها علم القوة وهو الرمي بالقوس والدخول فيه وعقد الأصابع على
(٢١)