القرآن في التالين عن الله العارفين بتنزله على قلوبهم وما يورثهم ذلك من القبض والبسط وأي الصفتين يتقدم حكمها في التالين بالحال أو في القبض أو البسط وفيه علم فضل العقل في العقلاء وما لب العقل هل حكمه حكم العقل أم لا فإن الله فرق الآيات فجعل آيات لأولي الألباب وآيات لقوم يعقلون فقيدهم من العقال وهو التقييد وفيه علم المقرب هل له حد عند الله في نفوذ عنايته أو تنفذ عنايته مطلقا وفيه علم شرف اتباع ما شرع الله اتباعه من مكارم الأخلاق وفيه علم الربح والخسران لماذا يرجعان وفيه علم الحذر العقلي والحذر المشروع هل هو الحذر العقلي الذي بعينه العقل أم لا تعيين في ذلك إلا للشرع أو فيه ما جعل الله تعيينه للعقل فاكتفى به عن تعيينه في الشرع ومنه ما جعل الله تعيينه للشرع وفيه علم ما يكره وما لا يكره وفيه علم نش ء الذرية لإنشاء الإنسان بما هو إنسان وفيه علم التداخل في الأشياء إذا كانت أحوالا وأعراضا كتداخل الرائحة واللون والسكون والعلم والجهل في الذات الواحدة في الزمن الواحد وفيه علم تعيين أنصبة الشركاء في الشئ وأنها إذا تعينت فليسوا بشركاء ولا بد أن يكون النصيب في نفس الأمر معينا وإن وقعت الإشاعة فلجهل الشركاء في ذلك فإنه لا بد أن يتعين إذا وقعت القسمة إما في عين الشئ أو في قيمته فإذا لا تصح الشركة أصلا لأن الأمور معينة عند الله في هذا الشئ المسمى مشتركا فيه وقد ثبت اسم الشركاء عرفا وشرعا فلما ذا يرجع ألا ترى إلى الذين اتخذوا مع الله شركاء في الألوهة هل لهم منها نصيب فإذا علمت أنه ليس لهم نصيب في الألوهة فما هم شركاء وقد سموا شركاء فيعلم أنه لا تصح الشركة في العالم أصلا للاتساع الإلهي فلا يشترك اثنان فصاعدا في أمر قط فالذي عند هذا مثل لما عند هذا ما هو عين ما عند هذا وإن انطلق على ذلك اسم الاشتراك فنقول ما وقع به الاشتراك غير ما وقع به الامتياز وما ثم إلا الامتياز خاصة ما ثم اشتراك إذا ليس هذا الذي عند هذا هو عين الآخر عند الآخر فيعلم من هذا الكشف معنى إطلاق الشركة في العرف وأن الشرع تبع العرف في ذلك ليفهم عنه لأنه جاء بلسان قومه وهو ما تواطئوا عليه ولهذا اختلف الناس في الرسول هل له وضع لغة في ذلك اللسان أو ليس له ذلك وفيه علم اختلاف تنزل الشرائع من الله باختلاف الأحوال والأزمان والأماكن والأشخاص والنوازل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل سر صدق فيه بعض العارفين فرأى نوره كيف ينبعث من جوانب ذلك المنزل وهو من الحضرات المحمدية) عجبت لمعصوم يقال له اتبع * ولا تبتدئ واحكم بما أنزل الله وكيف يرى المعصوم يحكم بالهوى * مع الوحي والتحقيق ما ثم إلا هو فكل هوى في عالم الخلق ساقط * إذا نظرت من عارف الوقت عيناه ولكنه المرموز ولا يدرك السنا * وشاهد حال الوقت عن ذاك أعماه وما يعلم المعنى الذي قد قصدته * وبينته إلا حليم وأواه ألا كل كون حرف لفظ محقق * ونسبتكم من ذلك الحرف معناه اعلم أن هذا المنزل من منازل التوحيد والأنوار وأدخلنيه الله تعالى مرتين وفي هذا المنزل صرت نورا كما قال ص في دعائه واجعلني نورا ومن هذا المنزل علمت الفرقان بين الأجسام والأجساد فالأجسام هي هذه المعروفة في العموم لطيفها وشفافها وكثيفها ما يرى منها وما لا يرى والأجساد هي ما يظهر فيها الأرواح في اليقظة الممثلة في صور الأجسام وما يدركه النائم في نومه من الصور المشبهة بالأجسام فيما يعطيه الحس وهي في نفسها ليست بالأجسام واعلم أن مرتبة الإنسان الكامل من العالم مرتبة النفس الناطقة من الإنسان فهو الكامل الذي لا أكمل منه وهو محمد ص ومرتبة الكمل من الأناسي النازلين عن درجة هذا الكمال الذي هو الغاية من العالم منزلة القوي الروحانية من الإنسان وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومنزلة من نزل في الكمال عن درجة هؤلاء من العالم منزلة القوي الحسية من الإنسان وهم الورثة رضي الله عنهم وما بقي ممن هو على صورة الإنسان في الشكل هو من جملة الحيوان فهم بمنزلة الروح الحيواني في الإنسان الذي يعطي النمو والإحساس واعلم أن العالم اليوم بفقد جمعية محمد ص
(١٨٦)