التعليم كما قال الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان فالتعليم هو عين الفتح ومن هذا الباب فأينما تولوا فثم وجه الله كالصلاة على الراحلة فالمستقبل لا يتقيد فهو بحسب ما تمشى به كذلك لا يعرف العارف أين يسلك به ربه في مناجاته فإنه بحسب ما يناجيه به من كلامه وكلامه سور القرآن فأي سورة أو أي آية شاء قرأ من غير تعيين لأن الشارع ما قيده بسورة بعينها فهو بحسب ما يلقى في خاطره وذلك إلى الله فكما لا علم له بما يلقيه في نفسه مما يناجيه به إلا حتى يلقيه كذلك لا يعلم ما يقول له الحق في مناجاته في منازلته ومن هذا الباب قوله فعدة من أيام أخر وأيام الله التي بقطعها العبد بعمرة لا يعين قدرها ولهذا نكرها فالذي يجب على المكلف في سفره عدة من أيام أخر له الاختيار في تعيينها ولكن لا يدري ما يعين منها إلا بإلقاء الله في نفسه ذلك والصوم لا مثل له فلا يدري في أي صفة يقيمه مما لا مثل لها من جانب الحق وهي كل صفة إلهية لا يمكن للعبد الاتصاف بها وإن علمها كما يعلم أن الحق لا يماثله ولا يكون بهذا العلم إلها لأن الألوهة ليست صفته وهذا معنى قوله ص حين سأل ربه اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم غيبك فدخل في هذا كل اسم ممكن أن يتصف به وكل اسم لا يمكن أن يتصف به فما لا يتصف به من الأسماء لا مثل له فيكون معلوما لنا في صومنا غير قائم بنا بحيث أن نتصف به هذا فائدة عدم التعيين في الأيام التي نصومها إذا كنا مسافرين فأفطرنا فنقضي أيام رمضان أو نؤديه في أيام غير معينة فصاحب هذه المنازلة يقصد الله تعالى في عروجه فارع القلب خالي النفس عريا عن قصد اسم معين إلهي بما أنت عبد وبما هو إله فعال لما يشاء لا يخطر لك أمر تطلبه منه إنما هو أن تكون معه في عروجك بحسب ما يكون منه مع حفظ أوقاتك فيما وقع عليك من التكليف لاقتضاء حق الوقت ومراعاة خطاب الشرع مع غيبتك عنك في ذلك بتوليه فيما أنت فيه وأنت محل لجريان مقاديره مع التحفظ ولزوم الأدب أن يجعلك محلا لما حجره عليك فإن أنت سلكت على هذا الأسلوب يبدو لك من الحق في منازلته ما لم يخطر لك بخاطر بل ما لا ينقال ولا تسعه العبارة (الباب التاسع والثمانون وثلاثمائة في معرفة منازلة إلى كونك وألك كوني) إلي منك الدنو وقتا * وثم وقتا إليك مني * أخذت عنك العلوم فضلا * وأنت أيضا أخذت عني إنيتي فيك يا حبيبي * إذا يقول اللسان إني * ما أصعب القول منك عندي * إذ يقول الفؤاد صلني ولم أغب عنه إذ تجلى * ولو دري لاشتهى التمني قال الله تعالى ثم دنا فتدلى فهذه عين المنازلة لأن كل صورة منهما فارقت مكانها فكانت كل صورة من الأخرى أدنى من قاب قوسين لكل واحدة من الصورتين قوس أظهر التقويس والفرقان بين الصورتين الخط الذي قسم الدائرة بنصفين فكان الأمر عينا واحدة ثم ظهر بالصورة أمران أن فلما صار الحكم أمرين كان من الأمر الواحد تدليا لأن العلو كان له وفي عين هذا التدلي دنو من الأمر الآخر وكان من الآخر تدان إلى من تدلى إليه فكان دنوه عروجا لأن تدلى الأمر الآخر إليه أعلمنا أن السفل كان قسم هذا الآخر وما تدانى كل واحد من الآخر إلا ليرجع الأمر كما كان دائرة واحدة لا فصل بين قطريها فكلتيهما يسعيان في إزالة الخط الذي أوجب التقسيم في الدائرة فموضع التقسيم قوله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل وما للعبد سؤال إلا إزالة هذه القسمة حتى يعود الأمر كما كان فأجابه الحق إلى سؤاله بقوله ولعبدي ما سأل فقال وإليه يرجع الأمر كله فتدليه دنو * وتدانينا عروج * وافترقنا واجتمعنا * إننا زوج بهيج حدثت حين افترقنا * في سمائها بروج * ولها من أجل كوني * في ذواتنا فروج فنكاح مستمر * وولوج وخروج (ومن ذلك) فكان منه التدلي * وكان مني التداني * حتى أراه بعيني * كما يقول يراني ولما التقينا عن حب واشتياق خاطبني من أعلم في سرى
(٥٤٣)