والقادر والأبيض والأسود والشجاع والجبان والمتحرك والساكن فهذه هي الأحوال وهي أحكام المعاني المعقولة أو النسب كيف شئت فقل وهي العلم والقدرة والبياض والسواد والحماسة والجبن والحركة والسكون فقال لنا لا تقولوا على الله إلا الحق كان ما كان كما نسبوا إليه تعالى الصاحبة والولد وضربوا له الأمثال وجعلوا له أندادا غلوا في دينهم وتعظيما لرسلهم فقالوا عيسى هو الله وقالت طائفة هو ابن الله وقال من لم يغل في دينه هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فلم يتعد به ما هو الأمر عليه فمن سلك مسلكنا فقد سلك طريق النجاة والايمان وأعطى الايمان حقه ولم يجر على العقل والفكر في حقه ولا فيما له والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وفي هذه الخزانة من العلوم علم مقام الملائكة كلها وعلم الأنوار والأسرار والفضل الزماني لا الفضل بالزمان ومن هنا تنزل الملائكة على قلوب الإرسال من البشر بالوحي المشروع وعلى قلوب الأولياء بالحديث والإلهام وكل من أدرك هذا سرا أو غيبا فكان له جهرا وشهادة فمن هذه الخزانة فسبحان مرتب الأمور وشارح الصدور وباعث من في القبور بالنشور لا إله إلا هو العليم القدير (الوصل التاسع عشر) من خزائن الجود هذه خزانة التعليم ورفعة المعلم على المتعلم وما يلزم المتعلم من الأدب مع أستاذه اعلم أن المعلم على الحقيقة هو الله تعالى والعالم كله مستفيد طالب مفتقر ذو حاجة وهو كماله فمن لم تكن هذه أوصافه فقد جهل نفسه ومن جهل نفسه فقد جهل ربه ومن جهل أمرا فما أعطاه حقه ومن لم يعط أمرا حقه فقد جار عليه في الحكم وعرا عن ملابسة العلم فقد تبين لك أن الشرف كله إنما هو في العلم والعالم به بحسب ذلك العلم فإن أعطى عملا في جانب الحق عمل به وإن أعطاه عملا في جانب الخلق عمل به فهو يمشي في بيضاء نقية سمحاء لا يرى فيها عوجا ولا أمتا وأول متعلم قبل العلم بالتعلم لا بالذات العقل الأول فعقل عن الله ما علمه وأمره أن يكتب ما علمه في اللوح المحفوظ الذي خلقه منه فسماه قلما فمن علمه الذي علمه أن قال له أدبا مع المعلم ما أكتب هل ما علمتني أو ما تمليه علي فهذا من أدب المتعلم إذا قال له المعلم قولا مجملا يطلب التفصيل فقال له اكتب ما كان وما قد علمته وما يكون مما أمليه عليك وهو علمي في خلقي إلى يوم القيامة لا غير فكتب ما في علمه مما كان فكتب العماء الذي كان فيه الحق قبل أن يخلق خلقه وما يحوي عليه ذلك العماء من الحقائق وقد ذكرناه في هذا الكتاب في باب النفس بفتح الفاء وكتب وجود الأرواح المهيمة وما هيمهم وأحوالهم وما هم عليه وذلك كله ليعلمه وكتب تأثير أسمائه فيهم وكتب نفسه ووجوده وصورة وجوده وما يحوي عليه من العلوم وكتب اللوح فلما فرع من هذا كله أملى عليه الحق ما يكون منه إلى يوم القيامة لأن دخول ما لا يتناهى في الوجود محال فلا يكتب فإن الكتابة أمر وجودي فلا بد أن يكون متناهيا فأملي عليه الحق تعالى وكتب القلم منكوس الرأس أدبا مع المعلم لأن الإملاء لا تعلق للبصر به بل متعلق البصر الشئ الذي يكتب فيه والسمع من القلم هو المتعلق بما يمليه الحق عليه وحقيقة السمع أن لا يتقيد المسموع بجهة معينة بخلاف البصر الحسي فإنه يتقيد إما بجهة خاصة معينة وإما بالجهات كلها والسمع ليس كذلك فإن متعلقة الكلام فإن كان المتكلم ذا جهة أو في جهة فذلك راجع إليه وإن كان لا في جهة ولا ذا جهة فذلك راجع إليه لا للسامع فالسمع أدل في التنزيه من البصر وأخرج عن التقييد وأوسع وأوضح في الإطلاق فأول أستاذ من العالم هو العقل الأول وأول متعلم أخذ عن أستاذ مخلوق هو اللوح المحفوظ وهذه الاسمية شرعية واسم اللوح المحفوظ عند العقلاء النفس الكلية وهي أول موجود انبعاثي منفعل عن العقل وهي للعقل بمنزلة حواء لآدم منه خلق وبه زوج فثنى كما ثنى الوجود بالحادث وثنى العلم بالقلم الحادث ثم رتب الله الخلق بالإيجاد إلى أن انتهت النوبة والترتيب الإلهي إلى ظهور هذه النشأة الإنسانية الآدمية فأنشأها في أحسن تقويم ثم نفخ في آدم من روحه وأمر الملائكة بالسجود له فوقعت له ساجدة عن الأمر الإلهي بذلك فجعله لملائكته قبلة ثم عرفهم بخلافته في الأرض فلم يعرفوا عمن هو خليفة فربما ظنوا أنه خليفة في عمارتها عمن سلف فاعترضوا لما رأوا من تقابل طبائعه في نشأته فعلموا إن العجلة تسرع إليه وأن تقابل ما تركب منه جسده ينتج منه نزاعا فيؤثر فسادا في الأرض وسفك دماء فلما أعلمهم أنه خلقه سبحانه على صورته وعلمه الأسماء كلها المتوجهة على إيجاد العالم العنصري وغيره فما
(٣٩٩)