كل موضع ورد فإن الناس تفرقوا في ذلك فرقا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (الباب الرابع والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل سرين من أسرار المغفرة وهو من الحضرة المحمدية) رأيت رجالا لا يرون بكافر * ولا كاذب والشأن صدق وإيمان فقلت لهم كفوا عن الزور أنه * مقام ولكن فيه بخس ونقصان فما كل عين في الوجود مغاير * ولا كل كون ما سوى الله إنسان ولكنه منه كبير مقدم * ومنه صغير فيه حق وبهتان فلو لا وجودي لم يكن ثم عالم * ولا كانت أسماء ولا كانت أعيان وكان وحيد الذات ليس بخالق * ولا مالك يقضي بذلك برهان ودل دليل العقل في كل حالة * بأن إله الخلق في الخلق محسان قد قدمنا إن لله رحمة عامة ورحمة خاصة وإن الله خص هذه الأمة برحمة خاصة فقال رسول الله ص إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب إنما عذابها في الدنيا الزلازل والقتل والبلاء خرج هذا الحديث البيهقي في كتاب الأدب له في باب المؤمن قل ما يخلو من البلاء لما يراد به من الخير من طريق أبي القاسم علي بن محمد بن علي الأيادي عن أبي جعفر عبد الله بن إسماعيل إملاء عن إسماعيل ابن إسحاق القاضي عن محمد بن أبي بكر عن معاذ بن معاذ عن المسعودي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال قال رسول الله ص الحديث وكلهم قالوا حدثنا إلا المسعودي فإنه عنعنة ولا البيهقي فإنه قال أخبرنا وفي الباب عن أبي بردة قال كنت جالسا عند ابن زياد وعنده عبد الله بن يزيد فجعل يؤتى برؤوس الخوارج قال وكانوا إذا مروا برأس قلت إلى النار قال فقال لي لا تفعل يا ابن أخي فإني سمعت رسول الله ص يقول يكون عذاب هذه الأمة في دنياها وقد ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله ص أنه قال أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم ولم يخصص ص أمة من أمة فإنه ما قال ناس من أمتي فهذه رحمة عامة فيمن ليس من أهل النار ثم قال ص فأماتهم الله فيها إماتة فأكده بالمصدر فهذا كله قبل ذبح الموت وإنما أماتهم حتى لا يحسوا بما تأكل النار منهم فإن النفوس التامة هي الموحدة المؤمنة فيمنع التوحيد والايمان قيام الآلام والعذاب بها والحواس أعني الجسوم كلها مطيعة لله فلا تحس بآلام الإحراق الذي يصيرهم حمما فإن الميت لا يحس بما يفعل به وإن كان يعلمه فما كل ما يعلم يحس به فرفع الله العذاب عن الموحدين والمؤمنين وإن دخلوا النار فما أدخلهم الله النار إلا لتحقق الكلمة الإلهية ويقع التمييز بين الذين اجترحوا السيئات وبين الذين عملوا الصالحات فهذا حديث صحيح يعم الناس ويبقى العذاب على أهل النار الذين هم أهلها يجري إلى أجل مسمى عند الله إلى أن تذكرهم ملائكة العذاب التسعة عشر فإن الملائكة إذا شفعت لم تشفع هذه التسعة عشر فتتأخر شفاعتهم إلى أوان اتصافهم بالرحمة عند ما يرتفع شهودهم غضب الله إيثارا منهم لجناب الله على الخلق فإن الملائكة تشفع يوم القيامة يقول الله شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين فيشفع عند شديد العقاب والمنتقم وهذا من باب شفاعة الأسماء الإلهية فيخرج من النار كل موحد وحد الله من حيث علمه لا من حيث إيمانه وما له عمل خير غير ذلك لكنه عن غير إيمان فلذلك اختص الله به وهذا الصنف من الموحدين هم الذين شهدوا مع شهادة الله سبحانه والملائكة إنه لا إله إلا هو فمن هناك سبقت لهم العناية بالاشتراك في الشهادة ولم يعرفهم إلا الله وحده والملائكة وإن عرفتهم فإن الملائكة تحت أمر الله كالثقلين فيحترمون جناب الله ويؤثرونه على هؤلاء فلا يقدمون على الشفاعة فيهم لمخالفتهم أمر الله وعدم قبولهم الايمان فينفرد الله وحده سبحانه من كونه أرحم الراحمين بإخراج هؤلاء من النار ويترك أهلها فيها على حالهم إلى تجليه في صورة الرضاء وعموم حكم الرحمة المركبة في عالم التركيب وشفاعة ملائكة العذاب فحينئذ يتغير الحال على أهل النار كما ذكرناه من المحرور والمقرور واعلم أن الموازنة بحكم الاعتدال معقولة غير موجودة الحكم لأنه لو كان لها حكم
(١٧٥)