جليسه دائما وهو الذي أثنى عليه ربه وألحقه بالذين هم على صلاتهم دائمون ولما فسر الله الصلاة ما فسرها إلا بالذكر وهو التلاوة فقال يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي فقسم المناجاة بينه وبين عبده فالمناجاة هي عين الصلاة والمناجاة فعل فاعلين فيقول ويقول قال تعالى فاذكروني أذكركم إذا تلوت كتاب الله كنت به * ممن يجالسه ومن يناجيه فما الصلاة سوى الذكر الحكيم فمن * تلاه صلى وفيه بعض ما فيه من أجل فاتحة القرآن قلت لكم * بأن فيه وذكري ليس يحويه فالحمد فرض المصلي في قراءته * وليس كل مصل منه يدريه (وصل) الرجوع الاختياري إلى الله يشكر عليه العبد قال عز وجل وإليه يرجع الأمر كله فإذا علمت هذا فارجع إليه مختارا ولا ترجع إليه مضطرا فإنه لا بد من رجوعك إليه ولا بد أن تلقاه كارها كنت أو محبا فإنه يلقاك بصفتك لا يزيد عليها فانظر لنفسك يا ولي قال ص من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه وأخبرنا في الكشف بالأخبار الإلهي المنفوث في الروع من الوجه الخاص فقيل لنا من استحى من لقاء الله آنسه الله وأزال خجله وذلك أن العبد ما يجعله يستحيي إلا ما ظهر به من المخالفة أو التقصير عن حق الاستطاعة وما ثم غير هذين فآنس الحق في ذلك أن يقول له يا عبدي إنما كان ذلك بقضائي وقدري فأنت موضع جريان حكمي فيأنس العبد بهذا القول فلو قال هذا القول العبد لله لأساء الأدب مع الله ولم يسمع منه وبهذا بعينه يؤنسه الحق فهو من جانب الحق في غاية الحسن ومن جانب الخلق في غاية القبح قال ص الحياء خير كله قال والحياء لا يأتي إلا بخير وأي خير أعظم من هذا الخير أن يقيم الحق حجة العبد أنسا له ومباسطة وإزالة خجل ورفع وجل فسبحان اللطيف الخبير المنعم المتفضل ولما ورد على هذا التعريف الإلهي لم يسعني وجود بل ضاق عني الوجود مما امتلأت من هذا الخطاب والتعريف الإلهي حيث جعلني محلا لخطابه وأهلني لما أهل له أهل خصوصه وقد علمنا أن لقاء الله لا يكون إلا بالموت علمنا معنى الموت فاستعجلناه في الحياة الدنيا فمتنا في عين حياتنا عن جميع تصرفاتنا وحركاتنا وإراداتنا فلما ظهر الموت علينا في حياتنا التي لا زوال لها عنا حيث كنا التي بها تسبح ذواتنا وجوارحنا وجميع أجزائنا لقينا الله فلقينا فكان لنا حكم من يلقاه محبا للقائه فإذا جاء الموت المعلوم في العامة وانكشف عنا غطاء هذا الجسم لم يتغير علينا حال ولا زدنا يقينا على ما كنا عليه فما ذقنا إلا الموتة الأولى وهي التي متناها في حياتنا الدنيا فوقانا ربنا عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم قال علي رضي الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فمن رجع إلى الله هذا الرجوع سعد وما أحس بالرجوع المحتوم الاضطراري فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند الله فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه أن نفسه التي هي عند الله يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره فتبقى مع الحق على حالها وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته فكان دارا رحل عنها ساكنها فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه وفي النشأة التي ينزل فيها فيرى نشأة مخلوقة على غير مثال تعطيه هذه النشأة في ظهورها ما تعطيه نشأة الدنيا في باطنها وخيالها فعلى ذلك الحكم يكون تصرف ظاهر النشأة الآخرة فينعم بجميع ملكه في النفس الواحد ولا يفقده شئ من ملكه من أزواج وغير هن دائما ولا يفقدهم فهو فيهم بحيث يشتهي وهم فيه بحيث يشتهون فإنها دار انفعال سريع لا بطء فيه كباطن هذه النشأة الدنياوية في الخواطر التي لها سواء فالإنسان في الآخرة مقلوب النشأة فباطنه ثابت على صورة واحدة كظاهره هنا وظاهره سريع التحول في الصور كباطنه هنا قال تعالى أي منقلب ينقلبون ولما انقلبنا قلبنا فما زاد علينا شئ مما كنا عليه فافهم وهذا الرجوع المذكور في هذا الوصل ما هو رجوع التوبة فإنه لذلك الرجوع المسمى توبة حد خاص عند علماء الرسوم وعندنا وهذا رجوع عام في كل الأحوال التي يكون عليها الإنسان فهذا الفرق بين الرجوعين فإن التوبة رجعة بندم وعزم على
(٢٢٣)