ومن يكن على الذي وصيته * كان بما أوصيته منتبها واعلم علمك الله أن ألوهية المخلوقين من هذه الحضرة ظهرت في العالم لما تعطيه من انقسام كل شئ فما ظهر في العالم إلا ما خلق تعالى فيه وعلمه وما اختص العلماء بالله وحصل لهم الشفوف على غيرهم إلا بمصادر الأشياء من أين ظهرت في العالم والتقابل لا نشك أنه انقسام في مقسوم فلا بد من عين جامعة تقبل القسمة ولما كان عذر العالم مقبولا في نفس الأمر لكونهم مجبورين في اختيارهم لذلك جعل الله مال الجميع إلى الرحمة فهو الغفور لما ستر من ذلك عن قلوب من لم يعلمه بصورة الأمر رحمة به لأنه الرحيم في غفرانه لعلمه بأن مزاجه لا يقبل فالمنع من القابل لتضمنه مشيئة الحق لكون العين قابلة لكل مزاج فما اختصت واحدة على التعيين بمزاج دون غيره مع كونها قابلة لكل مزاج إلا لحكم المشيئة الإلهية وإلى هذا إذا صعدت أرواح الثنوية يكون معراجها ليس لها قدم في غيره فلها طريق خاص وعلى الله قصد السبيل (فصل ثالث في الفلك الأطلس والبروج والجنات وشجرة طوبى وسطح الفلك المكوكب) اعلم أن الله خلق في جوف هذا الكرسي الذي ذكرناه جسما شفافا مستديرا قسمه اثني عشر قسما سمي الأقسام بروجا وهي التي أقسم بها لنا في كتابه فقال تعالى والسماء ذات البروج وأسكن كل برج منها ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا فهم ما بين مائي وترابي وهوائي وناري وعن هؤلاء يتكون في الجنات ما يتكون ويستحيل فيها ما يستحيل ويفسد ما يفسد أعني ينفسد بتغير نظامه إلى أمر آخر ما هو الفساد المذموم المستخبث فهذا معنى يفسد فلا تتوهم ومن هنا قالت الإمامية بالاثني عشر إماما فإن هؤلاء الملائكة أئمة العالم الذي تحت إحاطتهم ومن كون هؤلاء الاثني عشر لا يتغيرون عن منازلهم لذلك قالت الإمامية بعصمة الأئمة لكنهم لا يشعرون أن الإمداد يأتي إليهم من هذا المكان وإذا سعد وأسرت أرواحهم في هذه المعارج بعد الفصل والقضاء النافذ بهم إلى هذا الفلك تنتهي لا تتعداه فإنها لم تعتقد سواه فهم وإن كانوا اثني عشر فهم على أربع مراتب لأن العرش على أربع قوائم والمنازل ثلاثة دنيا وبرزخ وآخرة وما ثم رابع ولكل منزل من هذه المنازل أربعة لا بد منهم لهم الحكم في أهل هذه المنازل فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان الخارج من هذا الضرب اثني عشر فلذلك كانوا اثني عشر برجا ولما كانت الدار الدنيا تعود نارا في الآخرة بقي حكم الأربعة عليها التي لها والبرزخ في سوق الجنة ولا بد فيه من حكم الأربعة والجنة لا بد فيها من حكم الأربعة فلا بد من البروج فالحمل والأسد والقوس على مرتبة واحدة من الأربعة في مزاجهم والثور والسنبلة والجدي على مرتبة أخرى ولاة أيضا والجوزاء والميزان والدالي على مرتبة أخرى ولاة أيضا والسرطان والعقرب والحوت على مرتبة أخرى ولاة أيضا لأن كل واحد من كل ثلاثة على طبيعة واحدة في مزاجهم لكن منازل أحكامهم ثلاثة وهم أربعة ولاة في كل منزل وكل واحد منهم له الحكم في كل منزل من الثلاثة كما إن اليوم والليلة لواحد من السبع الجواري الخنس الكنس هو وإليها وصاحبها الحاكم فيها ولكن للباقي من الجواري فيه حكم مع صاحب اليوم فلا يستقل دون الجماعة إلا بأول ساعة من يومه وثامن ساعة وكذلك الليل والآخرة مثل ذلك وإن كان لها الأسد كما كان للدنيا السرطان فلا بد لباقي البروج من حكم فيها كذلك البرزخ وإن كان له السنبلة فلا بد لكل واحد من الباقين من حكم فيها وما ثم منزل ثالث إلا بتبدل الدنيا بالنار فإنه قد كان صاحب الدنيا بحكم الأصل السرطان فلما عادت نارا عزل السرطان ووليها برج الميزان وتبعه الباقون في الحكم فانظر ما أعجب هذا فإذا انقضى عذاب أهل النار وليها برج الجوزاء ولا بد لمن بقي من البروج حكم في ولاية هذا الوالي وإذا كان الحكم لواحد من هؤلاء في وقت نظره فيهم كان مزاج القابل في الآخرة على حكم النقيض حتى يتنعم به إذا حكم عليه هذا في المال خاصة لأن المال رحمة مطلقة عامة فبذلك فليفرحوا أعني بفضل الله ورحمته فإنه خير مما يجمعون ولما أدار الله الفلك الأطلس بما جعل فيه من الولاة والحكام وجعل منتهى دورته يوما كاملا لا ليل فيه ولا نهار أوجد ما فيه عند حركته وبما ألقى وأوحى به إلى النواب من الحكم في ذلك وجعل
(٤٣٣)