مؤمل ما أمله فإنما نحن به وله فما خرجنا عنا ولا حللنا إلا بنا حيث كنا وحشرت الوحوش كلها فيها إنعاما من الله عليها إلا الغزلان وما استعمل من الحيوان في سبيل الله فإنهم في الجنان على صور يقتضيها ذلك الموطن وكل حيوان تغذى به أهل الجنة في الدنيا خاصة وإذا لم يبق في النار أحد إلا أهلها وهم في حال العذاب يجاء بالموت على صورة كبش أملح فيوضع بين الجنة والنار ينظر إليه أهل الجنة وأهل النار فيقال لهم تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت فيضجعه الروح الأمين ويأتي يحيى ع وبيده الشفرة فيذبحه ويقول الملك لساكني الجنة والنار خلود فلا موت ويقع الياس لأهل النار من الخروج منها ويرتفع الإمكان من قلوب أهل الجنة من وقوع الخروج منها وتغلق الأبواب وهي عين فتح أبواب الجنة فإنها على شكل الباب الذي إذا انفتح انسد به موضع آخر فعين غلقه لمنزل عين فتحه منزلا آخر وأما أسماء أبوابها السبعة فباب جهنم باب الجحيم باب السعير باب سقر باب لظى وباب الحطمة وباب سجين والباب المغلق وهو الثامن الذي لا يفتح فهو الحجاب وأما خوخات شعب الايمان فمن كان على شعبة منها فإن له منها تجليا بحسب تلك الشعبة كانت ما كانت ومنها ما هي خلق في العبد جبل عليه ومنها ما هي مكتسبة وكل خير فإنها عن الخير المحض فمن عمل خيرا على أي وجه كان فإنه يراه ويجازى به ومن عمل شرا فلا بد أن يراه وقد يجازي به وقد يعفى عنه ويبدل له بخير إن كان في الدنيا قد تاب وإن مات عن غير توبة فلا بد أن يبدل بما يقابله بما تقتضيه ندامته يوم يبعثون ويرى الناس أعمالهم والجان وكل مكلف فما كان يستوحش منه المكلف عند رؤيته يعود له أنس له به وتختلف الهيئات في الدارين مع الأنفاس باختلاف الخواطر هنا في الدنيا فإن باطن الإنسان في الدنيا هو الظاهر في الدار الآخرة وقد كان غيبا هنا فيعود شهادة هناك وتبقي العين غيبا باطن هذه الهيئات والصور لا تتبدل ولا تتحول فما ثم إلا صور وهيئات تخلع عنه وعليه دائما أبدا إلى غير نهاية ولا انقضاء (الفصل السابع) في حضرة الأسماء الإلهية والدنيا والآخرة والبرزخ اعلم أن أسماء الله الحسنى نسب وإضافات وفيها أئمة وسدنة ومنها ما يحتاج إليها الممكنات احتياجا ضروريا ومنها ما لا يحتاج إليها الممكنات ذلك الاحتياج الضروري وقوة نسبتها إلى الحق أوجه من طلبها للخلق فالذي لا بد للممكن منها الحي والعالم والمريد والقائل كشفا وهو في النظر العقلي القادر فهذه أربعة يطلبها الخلق بذاته وإلى هذه الأربعة تستند الطبيعة كما تستند الأركان إلى الطبيعة كما تستند الأخلاط إلى الأركان وإلى الأربعة تستند في ظهورها أمهات المقولات وهي الجوهر والعرض والزمان والمكان وما بقي من الأسماء فكالسدنة لهذه الأسماء ثم يلي هذه الأسماء اسمان المدبر والمفصل ثم الجواد والمقسط فعن هذين الإسمين كان عالم الغيب والشهادة والدار الدنيا والآخرة وعنهما كان البلاء والعافية والجنة والنار وعنهما خلق من كل زوجين اثنين والسراء والضراء وعنهما صدر التحميدان في العالم التحميد الواحد الحمد لله المنعم المفضل والتحميد الآخر الحمد لله على كل حال وعن هذين الإسمين ظهرت القوتان في النفس القوة العلمية والقوة العملية والقوة والفعل والكون والاستحالة والملأ الأعلى والملأ الأسفل والخلق والأمر ولما كانت الأسماء الإلهية نسبا تطلبها الآثار لذلك لا يلزم ما تعطل حكمه منها ما لم يتعطل وإنما يقدح ذلك لو اتفق أن تكون أمرا وجوديا فالله إله سواء وجد العالم أو لم يوجد فإن بعض المتوهمين تخيل أن الأسماء للمسمى تدل على أعيان وجودية قائمة بذات الحق فإن لم يكن حكمها يعم وإلا بقي منها ما لا أثر له معطلا فلذلك قلنا إنه سبحانه لو رحم العالم كله لكان ولو عذب العالم كله لكان ولو رحم بعضه وعذب بعضه لكان ولو عذبه إلى أجل مسمى لكان فإن الواجب الوجود لا يمتنع عنه ما هو ممكن لنفسه ولا مكره له على ما ينفذه في خلقه بل هو الفعال لما يريد فلما خلق الله العالم رأيناه ذا مراتب وحقائق مختلفة تطلب كل حقيقة منه من الحق نسبة خاصة فلما أرسل تعالى رسله كان مما أرسلهم به لأجل تلك النسب أسماء تسمى بها لخلقه يفهم منها دلالتها على ذاته تعالى وعلى أمر معقول لا عين له في الوجود له حكم هذا الأثر والحقيقة الظاهرة في العالم من خلق ورزق ونفع وضر وإيجاد واختصاص وأحكام وغلبة وقهر ولطف وتنزل واستجلاب ومحبة وبغض وقرب وبعد وتعظيم وتحقير وكل صفة ظاهرة في العالم تستدعي نسبة خاصة لها اسم معلوم عندنا من الشرع فمنها مشتركة وإن كان لكل واحد من المشتركة معنى إذا تبين ظهر أنها متباينة فالأصل في الأسماء التباين والاشتراك فيه لفظي ومنها متباينة
(٤٤١)