لا يذكر الله إلا به وينبغي في نفس الأمر أن لا يذكروا الله إلا بالله فلما رأوا أن الأمر ظهر بالعكس وهو قوله ع حين قيل له من أولياء الله قال الذين إذا رأوا ذكر الله فغاروا من هذا وأرادوا احترام الجناب الإلهي حتى يذكروه ابتداء لا بسبب رؤيتهم وأما غيرتهم على نفوسهم فإنهم ما تحققوا بالحق في تقلباتهم لمشاهدتهم شؤون الحق إلا حتى لا يعرفهم الخلق كما لا يعرفون الحق فما داموا يجهلون في العالم طاب عيشهم وعلموا إن الله قد جعلهم أخفياء أبرياء مصانين في الكنف الأحمى من جملة ضنائنه فمتى ما عرفوا انتقلوا إما بالحال وهو التصرف بحكم العادات التي هي مثل الآيات المعتادة فلا يعرفها إلا الذين يعقلون عن الله وإما بالانتقال الحسي المكاني من مكان إلى مكان لتحققهم بالحق في نزوله من سماء إلى سماء فمن أراد أن يتمتع بوجود هذا الصنف ومشاهدته ويستفيد منه من حيث لا يشعر فلا يظهر له أنه يعرفه ويظهر العزة عليه والاستغناء عنه ويصحبه صحبة عادة العامة ولا تبدو منه كلمة لا يرضاها الله فإنه لا يحتملها صاحب هذا الحال وينفر منه كما ينفر ممن يعلمه فلا يعامله إلا بواجب أو مندوب أو مباح خاصة هكذا يقتضي حالهم من شهد الحق في شؤونه * أقامه الحق في فنونه فهو عليم بكل شئ * أشهده ذلك من مبينه فهو الإمام الذي سناه * يظهر في الكون من جفونه فكل شئ تراه عينا * فإنما ذاك من عيونه تفجرت في القلوب علما * عينا وحقا إلى يقينه سبحان من لا يراه غيري * كما أراه على شؤونه (وصل) الحالة البرزخية لا يقام فيها إلا من عظم حرمات الله وشعائر الله من عباده وهم أهل العظمة وما لقيت أحدا من هذا الصنف إلا واحدا بالموصل من أهل حديثة الموصل كان له هذا المقام ووقعت له واقعة مشكلة ولم يجد من يخلصه منها فلما سمع بنا جاء به إلينا من كان يعتقد فيه وهو الفقيه نجم الدين محمد بن شائي الموصلي فعرض علينا واقعته فخلصناه منها فسر بذلك وثلج صدره واتخذناه صاحبا وكان من أهل هذا المقام وما زلت أسعى في نقلته منه إلى ما هو أعلى مع بقائه على حاله فإن النقلة في المقامات ما هي بأن تترك المقام وإنما هو بأن تحصل ما هو أعلى منه من غير مفارقة للمقام الذي تكون فيه فهو انتقال إلى كذا لا من كذا بل مع كذا فهكذا انتقال أهل الله وهكذا الانتقال في المعاني لا يلزم من انتقل من علم إلى علم إن يجهل العلم الذي كان عليه بل لا يزال معه إذا كان عالما وصاحب هذا الحال بين الله وبين نفسه فهو ناظر إلى نفسه ليرى ربه منها أو فيها فإذا لم يبد له مطلوبه صرف النظر بالحال إلى ربه ليرى في ربه نفسه فإذا رآه الحق على ذلك جاءه الاسم الغيور فخاف عليه إن يناله فرده إلى رؤية نفسه وأشهده في نفسه ربه وهو المقام الذي يأتي عقيب هذا إن شاء الله من حالة البرزخ أن يشهدا * ثلاثة أعلامها تشهد بأنه حصل أعيانها * وأنه بعلمها السيد يحكم في ذاك وذا بالذي * أعلمه بحاله المشهد فهو الإمام المرتضى والذي * له جباه للنهي تسجد فهو الذي يسجد من أجله * وهو الذي يسجد والمسجد (وصل) من شهد نفسه شهود حقيقة رآها ظلا أزليا لمن هي على صورته فلم يقم مقامه لأن المنفعل لا يقوم مقام فاعله فلا تسجد الظلال إلا لسجود من ظهرت عنه فالظلال لا أثر لها بل هي المؤثر فيها وكل منفعل ففاعله أعلى منه في الرتبة فلا تشهد الأشياء إلا بمراتبها لا بأعيانها فإنه لا فرق بين الملك والسوقة في الإنسانية فما تميز العالم إلا بالمراتب وما شرف بعضه على بعضه إلا بها ومن علم أن الشرف للرتب لا لعينه لم يغالط نفسه في أنه أشرف من غيره وإن كان يقول إن هذه الرتبة أشرف من هذه الرتبة وهذا مقام العقلاء العارفين يقول رسول الله ص كثيرا في هذا
(٢٢٥)