كيف التبري وما في الكون إلا هو * فكل كون أراه أنت معناه وقد أتى بالتبري في شريعته * فحير العقل شرع كان يهواه أدناه منه ولا عين تغايره * فمن دنا ثم بعد القرب أقصاه الله مولى جميع الخلق كلهم * ولم يخب أحد الله مولاه اعلم أيدك الله أن رسول الله ص قال مولى القوم منهم والخيال من موالي النفس الناطقة فهي منها بمنزلة المولى من السيد وللمولى في السيد نوع من أنواع التحكم من أجل الملكية فإنه به وبأمثاله من الموالي يصح كون السيد مالكا وملكا قلما لم يصح للسيد هذه المنزلة إلا بالمولى كان له بذلك يدهى التي تعطيه بعض التحكم في السيد وما له فيه من التحكم إلا أنه يصورها في أي صورة شاء وإن كانت النفس على صورة في نفسها ولكن لا يتركها هذا الخيال عند المتخيل إلا على حسب ما يريده من الصور في تخيله وليس للخيال قوة تخرجه عن درجة المحسوسات لأنه ما تولد ولا ظهر عينه إلا من الحس فكل تصرف يتصرفه في المعدومات والموجودات ومما له عين في الوجود أو لا عين له فإنه يصوره في صورة محسوس له عين في الوجود أو يصور صورة ما لها بالمجموع عين في الوجود ولكن أجزاء تلك الصورة كلها أجزاء وجودية محسوسة لا يمكن له أن يصورها إلا على هذا الحد فقد جمع الخيال بين الإطلاق العام الذي لا إطلاق يشبهه فإن له التصرف العام في الواجب والمحال والجائز وما ثم من له حكم هذا الإطلاق وهذا هو تصرف الحق في المعلومات بوساطة هذه القوة كما إن له التقييد الخاص المنحصر فلا يقدر أن يصور أمرا من الأمور إلا في صورة حسية كانت موجودة تلك الصورة المحسوسة أو لم تكن لكن لا بد من أجزاء الصورة المتخيلة أن تكون كلها كما ذكرنا موجودة في المحسوسات أي قد أخذها من الحس حين أدركها متفرقة لكن المجموع قد لا يكون في الوجود واعلم أن الحق لم يزل في الدنيا متجليا للقلوب دائما فتتنوع الخواطر في الإنسان عن التجلي الإلهي من حيث لا يشعر بذلك إلا أهل الله كما أنهم يعلمون أن اختلاف الصور الظاهرة في الدنيا والآخرة في جميع الموجودات كلها ليس غير تنوعه فهو الظاهر إذ هو عين كل شئ وفي الآخرة يكون باطن الإنسان ثابتا فإنه عين ظاهر صورته في الدنيا والتبدل فيه خفي وهو خلقه الجديد في كل زمان الذي هم فيه في لبس وفي الآخرة يكون ظاهره مثل باطنه في الدنيا ويكون التجلي الإلهي له دائما بالفعل فيتنوع ظاهره في الآخرة كما كان يتنوع باطنه في الدنيا في الصور التي يكون فيها التجلي الإلهي فينصبغ بها انصباغا فذلك هو التضاهي الإلهي الخيالي غير أنه في الآخرة ظاهر وفي الدنيا باطن فحكم الخيال مستصحب للإنسان في الآخرة وللحق وذلك هو المعبر عنهما بالشأن الذي هو فيه الحق من قوله كل يوم هو في شأن فلم يزل ولا يزال وإنما سمي ذلك خيالا لأنا نعرف أن ذلك راجع إلى الناظر لا إلى الشئ في نفسه فالشئ في نفسه ثابت على حقيقته لا يتبدل لأن الحقائق لا تتبدل ويظهر إلى الناظر في صور متنوعة وذلك التنوع حقيقة أيضا لا تتبدل على تنوعها فلا تقبل الثبوت على صورة واحدة بل حقيقتها الثبوت على التنوع فكل ظاهر في العالم صورة ممثلة كيانية مضاهية لصورة إلهية لأنه لا يتجلى للعالم إلا بما يناسب العالم في عين جوهر ثابت كما إن الإنسان من حيث جوهره ثابت أيضا فترى الثابت بالثابت وهو الغيب منك ومنه وترى الظاهر بالظاهر وهو المشهود والشاهد والشهادة منك ومنه فكذا تدركه وكذا تدرك ذانك غير أنك معروف في كل صورة إنك أنت لا غيرك كما تعلم أن زيدا في تنوعه في كيفياته من خجل ووجل ومرض وعافية ورضي وغضب وكل ما يتقلب فيه من الأحوال أنه زيد لا غيره كذلك الأمر فنقول قد تغير فلان من حال إلى حال ومن صورة إلى صورة ولولا ما هو الأمر على هذا لكان إذا تبدل الحال عليه لم نعرفه وقلنا بعدمه فعلمنا إن ثم عينين كما قال تعالى ألم نجعل له عينين فعين يدرك به من يتحول وعين يدرك به التحول وهما طريقان مختلفان قد أبانهما الله لذي عينين وهو قوله وهديناه النجدين أي بينا له الطريقين كما قال الشاعر نجدا على أنه طريق * تقطعه للظبا عيون فجعل قطع الطريق للعيون فكل عين لها طريق فاعلم من رأيت وما رأيت ولهذا صح وما رميت إذ رميت ولكن
(٤٧٠)