ولكل جسم ما يشأ كل طبعه * خلق يسمى العالم النوراني فهم الملائكة الكرام شعارهم * حفظ الوجود من اسمه المحسان فتحركت نحو الكمال فولدت * عند التحرك عالم الشيطان ثم المعادن والنبات وبعده * جاءت لنا بعوالم الحيوان والغاية القصوى ظهور جسومنا * في عالم التركيب والأبدان لما استوت وتعدلت أركانه * نفخ الإله لطيفة الإنسان وكساه صورته فعاد خليفة * يعنو له الأملاك والثقلان وبدورة الفلك المحيط وحكمه * أبدى لنا في عالم الحدثان في جوف هذا الأرض ماء أسودا * نتنا لأهل الشرك والطغيان يجري على متن الرياح وعندها * ظلمات سخط القاهر الديان دارت بصخرة مركز سلطانه * الروح الإلهي العظيم الشأن فهذا ترتيب الوضع الذي أنشأ الله عليه العالم ابتداء اعلم أن التفاضل في المعلومات على وجوده أعمها التأثير فكل مؤثر أفضل من أكثر المؤثر فيه من حيث ذلك التأثير خاصة وقد يكون المفضول أفضل منه من وجه آخر وكذلك فضل العلة على معلولها والشرط على مشروطه والحقيقة على المحقق والدليل على المدلول من حيث ما هو مدلول له لا من حيث عينه وقد يكون الفضل بعموم التعلق على ما هو أخص تعلقا منه كالعالم والقادر ولما كان الوجود كله فاضلا مفضولا أدى ذلك إلى المساواة وإن يقال لا فاضل ولا مفضول بل وجود شريف كامل تام لا نقص فيه ولا سيما وليس في المخلوقات على اختلاف ضروبها أمر إلا وهو مستند إلى حقيقة ونسبة إلهية ولا تفاضل في الله لأن الأمر لا يفضل نفسه فلا مفاضلة بين العالم من هذا الوجه وهو الذي يرجع إليه الأمر من قبل ومن بعد وعليه عول أهل الجمع والوجود وبهذا سموا أهل الجمع لأنهم أهل عين واحدة كما قال الله تعالى وما أمرنا إلا واحدة ومن كشف الأمر على ما هو عليه علم ما ذكرناه في ترتيب العالم في هذا الباب فإنه متنوع المساق ففي الخطبة ترتيب ليس في المنظوم وكذلك سائر ما ذكرناه في الباب (وصل) في ذكر ما في هذا المنزل من العلوم فمن ذلك علم الاتصال الكوني والانفصال الإلهي والكوني وفيه علم تنزيه الحق مع ثبوت النزول والمعية عما للنزول والمعية من الحركة والانتقال وفيه علم الفرقان بين الكتب المنزلة من عند الله وإن كانت كلها كلام الله ولما ذا تكثرت وتعددت آياتها وسورها هل لكونها كلاما أو لكونها متكلما بها وفيه علم افتراق الناس إلى مؤمن بكذا وغير مؤمن به وفيه علم الملأ الأعلى وفيه علم الآجال وفيه علم حكمة التفضيل في العالم وفيه علم انتشاء الفروع من أصل واحد وفيه علم قول القائل وما على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد وهذا هو علم الإنسان الكامل الجامع حقائق العالم وصورة الحق سبحانه وتعالى وفيه علم الفرق بين المبدأ والمعاد وما معنى المعاد هل هو أمر وجودي أو نسبة مرتبة كوال يعزل ثم يرد إلى ولايته وفيه علم السبب الذي لأجله أنكر من أنكر المعاد وما المعاد الذي أنكر وما صفة المنكر وفيه علم نسبة الأشياء إلى الله نسبة واحدة فكيف سبقت الرحمة الغضب حتى عمت الرحمة كل شئ فلم يبق للغضب محل يظهر فيه وفيه علم هداة الحق وفيه علم إنشاء العالم من العالم ولما ذا يرجع ما فيه من الزيادة والنقص فلا بد من العلم بكمال أو تمام به يتميز ما زاد عليه وما نقص عنه وهل كل زيادة على التمام نقص أم لا وفيه علم هل يوجد أمران متجاوران ليس بينهما وسط مثل الغيب والشهادة وكالنفي والإثبات ومثل قولنا أنت ما أنت وما رميت إذ رميت وفيه علم الأمر الذي يحفظ الله به المكلف من حيث عينه ومن حيث أفعاله وفيه علم كمال العالم الكمال الذي لا يحتمل الزيادة فيه فلا يظهر فيه مما لم يظهر إلا ما خرج عنه فيعود عليه فيظهر فيه أمر لم يكن فيه وهو منه فما ظهر في العالم بعد تمامه إلا العالم فأمر الله واحدة فيه وهو المعبر عنه
(٤٤٧)