أن يعلم صورة الأمر فيها فلا علم لمخلوق مما سوى الله ولا للعقل الأول أن يعقل كيفية اجتماع نسب يكون عن اجتماعها عين وجودية مستقلة في الظهور غير مستقلة في الغني مفتقرة بالإمكان المحكوم عليها به وهذا علم لا يعلمه إلا الله تعالى وليس في الإمكان أن يعلمه غير الله تعالى ولا يقبل التعليم أعني أن يعلمه الله من شاء من عباده فأشبه العلم به العلم بذات الحق والعلم بذات الحق محال حصوله لغير الله فمن المحال حصول العلم بالعالم أو بالإنسان نفسه أو بنفس كل شئ لنفسه لغير الله فتفهم هذه المسألة فإني ما سمعت ولا علمت إن أحدا نبه عليها وإن كان يعلمها فإنها صعبة التصور مع أن فحول العلماء يقولون بها ولا يعلمون أنها هي كبلقيس تقول كأنه هو وهو هو وكذلك من تكلم في الحق في حال ظهوره في صورة خاصة مع الحق فهو يشهده ولا يعلم أنه هو وهذا إسار حكمه في العالم لمن نظر واستبصر والله غني عن العالمين لظهوره بنفسه فلا دليل عليه سواه له إذ ما ثم إلا الله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والتسعون وثلاثمائة في معرفة منازلة من دخل حضرتي وبقيت عليه حياته فعزاؤه علي في موت صاحبه) منزل الآلاء والنعم * عنده مفتاح الكرم وله الحدوث ليس له * قدم في رتبة القدم وهو حكم عينه عدم * ما له في الكون من قدم قال الله تعالى وهو معكم أينما كنتم والمعية صحبة وصح عن رسول الله ص المترجم عن ربه بلسان حق لا ينطق عن هوى لكونه شديد القوي اللهم أنت الصاحب في السفر فاتخذه صاحبا له في سفره والسفر من الأسفار وهو الظهور فهو ظاهر الصحبة من الوجه الذي يليق به ويطلق عليه فاعلم أن سر الحياة الإلهية سرى في الموجودات فحييت بحياة الحق فمنها ما ظهرت حياتها لأبصارنا ومنها ما أخذ الله بأبصارنا عنها في الدنيا إلا الأنبياء وبعض أولياء الله فإنه كشف لهم عن حياة كل شئ والمحجوبون يدركونها بالإيمان إذ كانوا مؤمنين وأما من ليس بمؤمن فلا يدرك ذلك لا بالكشف ولا بالإيمان نسأل الله العصمة من الكفر ولسريان هذه الحياة في أعيان الموجودات نطقت كلها مسبحة بالثناء على موجدها إلا أنه صحبت الدعوى في هذه الحياة لكل حي ابتدئ فيتخيلون أن حياتهم لهم حتى إذا فزع عن قلوبهم فرأوا الأمر على خلاف ما اعتقدوه وهو رؤيتهم أن الحياة التي كانوا بها أحياء هي حياة الحق لا بل هي الحق عينه كما ورد في الصحيح كنت سمعه وبصره وغير ذلك فمن جملة ذلك أنه حياته فعند ما أبصروا ذلك قالوا ما ذا قال ربكم وما قال حياة ربكم ولهذا قلنا بل هو عين الحق قالوا الحق لما تبين لهم أنه الحق وهو العلي الكبير عن الحلول والمحل ولكن نسب وإضافات وشهود حقائق فبالوجه الذي يقول فيه إنه سمع العبد به بعينه يقول إنه حياة العبد وعلمه وجميع صفاته وقواه وهي نسب لا أعيان فهو الحي العالم السميع إلى غير ذلك فالعين واحدة وليس إلا ما ظهر فيه عين ما ظهر فالعبد المتحقق بالحق ينكشف له فيتبين أنه الحق إلا أنه بكل شئ محيط فالحياة التي كان يدعى فيها قبل دخوله إلى حضرة الحق لم تبق عليه في هذا الشهود أصلا وضد الحياة الموت فإن اشتبهت عليه الحضرة وتخيل أنه دخل حضرة الحق وما زالت عنه حياته أنها له كما تخيل صاف في عرش إبليس على البحر أنه العرش الذي استوى عليه الرحمن تعالى وجل فقال له رسول الله ص ذلك عرش إبليس كذلك صاحب هذا الشهود إذا رأى أن حياته باقية عليه منسوبة إليه فإن الحق قد مات في حقه وهو يدعي صحبة الحق فالحق يعزيه في موت صاحبه فإنه عنه في هذا الشهود أجنبي فهو الميت على الحقيقة فمن لم يصحبه الحق في جميع صفاته فما هو حق فإن الحق لا يتبعض فإذا كان كان وإذا لم يكن كان في نفس الأمر ولا نعرفه فكن عالما ولا تكن جاهلا ولهذا قيل ما اتخذ الله وليا جاهلا قط وإن الله يتولى بالفعل تعليم أوليائه مما يشهدهم إياه في تجلياته ومثل قوله ص إن الله لا يمل حتى تملوا فمللكم هو في الإشارة ملل الحق ولما كان الحق في حق كل أحد عين اعتقاده فيه وعلمه به ثم غفل عن اعتقاده الذي هو ربه فقد ذهب عن محل عقده ففقده وهو كان صاحبه فعزاه الحق فيه من حيث
(٥٥٧)