بسم الله الرحمن الرحيم (الباب الموفي ثلاثمائة في معرفة منزل انقسام العالم العلوي من الحضرة المحمدية) حمل المحقق ما يلقيه خالقه * فيه ليظهر ما في الغيب من خبر تمتد منه إلى قلبي رقائقه * مثل امتداد شعاع الشمس للبصر فالضم واللثم والتعتيق يجمعنا * مثل العرائس كالأنثى مع الذكر على الدوام فلا صبح يفرقنا منزهين عن الآصال والبكر من بيننا تظهر الأسرار في حجب * الآفاق طالعة شمسا بلا غير لا شرق يظهرها لا غرب يسترها * لا عين تدركها من أعين البشر زمانها الآن ماض فتفقده * ولا بمستقل يأتي على قدر فيا أولي الفكر والألباب قاطبة * لا تعجبوا أنها نتيجة العمر إني لحي بحي لا حياة له * ولا حياة لنا في عالم السور إن الحياة التي تجري إلى أمد * هي الحياة التي في عالم الصور اعلم أن هذا المنزل يتضمن شرف الجماد على الإنسان وشرف الجن من المؤمنين في استماع القرآن على المؤمنين من الإنس لمعنى خلقهم الله عليه وخلقه فيهم قال تعالى لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون أترى هذا الكبر في الجرم وعظم الكمية هيهات لا والله فإن ذلك معلوم بالحس وإنما ذلك لمعنى أوجده فيهم لم يكن ذلك للإنسان يعطيه العلم بالمراتب ومقادير الأشياء عند الله تعالى فننزل كل موجود منزلته التي أنزله الله فيها من مخلوق وأسماء إلهية ومن ذلك قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا أترى ذلك لجهلهم لا والله بل الحمل للأمانة كان لمجرد الجهل من الحامل وهل نعت الله بالجهل على المبالغة فيه وبالظلم لنفسه فيها ولغيره إلا الحامل لها وهو الإنسان فعلمت الأرض ومن ذكر قدر الأمانة وأن حاملها على خطر فإنه ليس على يقين من الله أن يوفقه لأدائها إلى أهلها وعلمت مراد الله بالعرض أنه يريد ميزان العقل فكان عقل الأرض والجبال والسماء أوفر من عقل الإنسان حيث لم يدخلوا أنفسهم فيما لم يوجب الله عليهم فإنه كان عرضا لا أمرا فتتعين عليهم الإجابة طوعا أو كرها أي على مشقة لمعرفتهم تعظيم ما أوجب الله عليهم فأتوا طائعين حين قال لهما ائتيا طوعا أو كرها أي تهيئا لقبول ما يلقى فيكما فلما أتيا طائعين وتهيئا لقبول ما شاء الحق أن يجعل فيهما مستسلمين خائفين فقدر في الأرض أقواتها وجعلها أمانة عندها حملها إياها جبرا لا اختيارا وأوحى في كل سماء أمرها وجعل ذلك أمانة بيدها تؤديها إلى أهلها حملها إياها جبرا لا اختيارا ومن معرفتهم أيضا بما يعطيه حمل الأمانة بالعرض والاختيار من ظلم الحامل إياها لنفسه حيث عرض بها إلى أمر عظيم وإذا لم
(٢)