أمر وهذا ليس كذلك فالتوبة في العموم معلومة وهذا الرجوع في الخصوص معلوم لا يناله إلا أهل الله الذين هم هم إن الرجوع هو المطلوب لله * إليه عن كل كون فيه بالله فلا تقولن للأشياء لست به * فليس في الكون إلا هو وإلا هي فكن مع الله في الأحوال أجمعها * ولا تكن عن شهود الله بالساهي فإن لله عينا غير نائمة * بها يراك ولا يشهد سوى الله من أعجب الأمر إن الأمر واحدة * فذي التقاسيم في أكواننا ما هي (وصل) العبودية ذلة مخصة خالصة ذاتية للعبد لا يكلف العبد القيام فيها فإنها عين ذاته فإذا قام بحقها كان قيامه عبادة ولا يقوم بها إلا من يسكن الأرض الإلهية الواسعة التي تسع الحدوث والقدم فتلك أرض الله من سكن فيها تحقق بعبادة الله وأضافه الحق إليه قال تعالى يا عبادي إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون يعني فيها ولي مذ عبدت الله فيها من سنة تسعين وخمسمائة وأنا اليوم في سنة خمس وثلاثين وستمائة ولهذه الأرض البقاء ما هي الأرض التي تقبل التبديل ولهذا جعلها مسكن عباده ومحل عبادته والعبد لا يزال عبدا أبدا فلا يزال في هذه الأرض أبدا وهي أرض معنوية معقولة غير محسوسة وإن ظهرت في الحس فكظهور تجلى الحق في الصور وتجلى المعاني في المحسوسات ولا تظهر المعاني في الصور الحسية إلا لقصور بعض النفوس عن إدراك ما ليس بمادة فإذا كان متضلعا من المعرفة بالله لم ير المعاني في مواد ولا رأى المواد في غير نفسها فأدرك كل شئ في شيئيته كانت ما كانت وهذا هو الإدراك الذي يعول عليه لأنه برئ من التلبيس ولا يصح بوجه من الوجوه أن يشهد الإنسان محض عبوديته ولا يقام في عبادته المحضة التي لا يخالطها شئ من الربوبية التي تعطيه الصورة التي خلق عليها إلا عن تجل إلهي فإذا لم يكن تجل فإن الإنسان يقام في الصورة التي خلق عليها فيكون عبدا ربا مالكا مملوكا مثل العامة سواء غير إن الفارق بينه وبين العامة أنه للعامة اعتقاد ولعلماء الرسوم علم ولهذه الطائفة شهود وهو العبد الممتزج الظاهر بالحقيقتين وما يتخلص من هذا المزج إلا أهل العناية الذين يعمرون هذه الأرض الواسعة التي لا نهاية لها وكل أرض سواها فمحدودة ليس لها هذا الحكم ولهذا أربابها كثيرون فإن لكل عبد فيها ملكا يملكه ويتصرف فيه فلا يتعدى غيره عليه وبنفس ما يملك منها كان مالكا وربا فيها وهذه الأرض الواسعة هي المتصرفة في سكانها الحاكمة عليهم بذاتها وهي مجلي الربوبية ومنصة المالك الحق وفيها يرونه فمن كان من أهلها حيل بينه وبين الصورة التي خلق عليها فكان عبدا محضا شاهدا يشاهد الحق في عين ذاته فالشهود له دائم والحكم له لازم وهؤلاء هم المسودون الوجه في الدنيا والآخرة إذا علمت ذلك فالرب رب والعبد عبد فلا تغالط ولا تخالط إن أرض الله واسعة * فاعبدوا فيها الذي هي له بلغوه في عبادتكم * بالذي ترجونه أمله فالذي له لكم والدي * لك من نعت فما هو له وإذا ما قال لست هنا * إنه أقامكم مثله ذلكم معنى الخلافة في * أرضه فاسلك بها سبله ولتقم بعين صورته * في الذي أقامكم بدله واعملوا في كل آونة * بالذي أراكم عمله (وصل) الانتقالات في الأحوال من أثر كونه كل يوم هو في شأن والعالم كله على الصورة وليس هو غير الشؤون التي تظهر بها ولا يشهد هذا الأمر كشفا إلا أصحاب الأحوال ولا يشهد هذا حالا إلا أهل السياحات ولا يشهده علما إلا القائلون بتجدد الأعراض في كل زمان فإن من عباد الله من لا يعرف بمكان إلا انتقل عنه إلى مكان غيرة منه على الله وعلى نفسه فأما غيرته على الله فإنه لا يعرف إلا به فحاله هو الذي يظهره الحق لهم فيغار على الجناب الإلهي حيث
(٢٢٤)