الرسول وهو قوله حين قال أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فأخبر أن من اتبعه يدعو إلى الله أيضا على بصيرة فإن كنت عارفا بمواقع الخطاب الإلهي وتنبيهاته وإشاراته فقد عرفك بحالك مع رسوله ص وبحالك معه وقد جعلك على صورة نبيه ص في نوره وإمداده وأبان لك أن صورتك معه في هذا الأمر صورته أيضا مع جبريل ع الذي اتقدت فتيلته من سراج جبريل واشتعلت نورا وكل واحد من السرج ما انتقل نوره عنه بل هو على نوره في نفسه وانظر إلى من استندت الرسل بعد أخذها عن جبريل ع هل كان استنادها إلى جبريل أو إلى الله لا والله بل قيل رسول الله وما قيل رسول جبريل وكذلك من أخذ عن النبوة مثل هذا النور ودعا إلى الله على بصيرة فذلك الدعاء والنور الذي يدعو به هو نور الإمداد لا النور الذي اقتبسه من السراج فلينسب إلى الله في ذلك لا إلى الرسول فيقال عبد الله وهو الداعي إلى الله عن أمر الله بوساطة رسول الله بحكم الأصل لا بحكم ما فتح الله به عليه في قلبه من العلوم الإلهية التي هي فتح عين فهمه لما جاء به الرسول ص من القرآن والأخبار لا أن هذا الولي يأتي بشرع جديد وإنما يأتي بفهم جديد في الكتاب العزيز لم يكن غيره يعرف أن ذلك المعنى في ذلك الحرف المتلو أو المنقول فللرسل صلوات الله ع العلم ولنا الفهم وهو علم أيضا فإن حققت يا أخي ما أوردناه في هذا الباب وقفت على أسرار إلهية وعلمت مرتبة عباد الله الذين هم بهذه المثابة أين ينتهي بهم ومع من هم وعمن يأخذون ومن يناجون وإلى من يستندون وأين تكون منزلتهم في الدار الآخرة وهل لهم شركة في المرتبة في الدار الآخرة كما كان لهم شركة هنا في النورية والإمداد الإلهي أم لا فأما في الدنيا فليسوا بأنبياء فإنهم عن الأنبياء أخذوا طريقهم وما بقي الأمر إلا في الإمداد هل أثره إبقاء النور الأول أو تتجدد لهم الأنوار مع الأناة من الحق كما يتجدد نور السراج باشتعال الهواء من رطوبات الدهن فليس هو ذلك النور الأول ولا هو غيره ولا ذهب ذلك النور ولا بقي عينه والناظر يرى اتصال الأنوار صورة واحدة في النورية إلا أنه يعرف أنه لولا أمداد الدهن لطفئ هذا حظ كل مشاهد من ذلك من حيث النظر والصورة ومن حيث المعنى يزيد على النظر معرفة ما يقع به الإمداد وما أثره في ذلك المشهود فيزيد علما آخر لم يكن عنده فمن فقد مثل هذا ينبغي أن يطول نوحه وبكاؤه على نفسه جعلنا الله من أهله وممن دعا إلى الله على بصيرة أو انفرد مع الله على بصيرة أنه الملي بذلك والقادر عليه وهذا القدر كاف في هذا الباب وقد حصلت الفائدة فلنذكر ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم فاعلم أنه يتضمن علم الحقائق الأسمائية وعلم الرسالة من حيث المكانة التي أرسل منها لا من حيث إنها رسالة وعلم التخويف هل يخاف الله أو يخاف ما يكون منه وما مشهود من يخاف الله والخوف إنما هو مما يتعلق بك ويحل فيك والحق تعالى منزه الذات عن الحلول في الذوات فما معنى وأعوذ بك منك وعلم طاعة العباد فيما ذا يطاعون وهل لهم في تلك الطاعة نصيب بطريق الاستحقاق أو ليس لهم فإن الله يقول من يطع الرسول فقد أطاع الله هذا مقام ومقام آخر وأطيعوا الرسول ومقام آخر أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فهذه مقامات كلها تقتضيها الطاعة ويختلف المطاع وتحقيق ذلك عجيب وتفصيل ما يقع فيه الطاعة كذلك وهل نسبة الطاعة لأولي الأمر كنسبتها إلى الرسول كنسبتها إلى الله أم لا بل تكون مختلفة وعلم نتائج المخالفات والموافقات وعلم الفرق بين الأجلين ولما ذا كان الأول أجلا ولما ذا كان الآخر أجلا هل لعين واحدة أم لأمرين مختلفين وعلم أحوال الناس المدعوين إلى الله ما الذي يحول بينهم وبين الإجابة مع العلم بصدق الداعي وما الذي يدعوهم إلى الإجابة والمجلس واحد والداعي واحد والدعوة واحدة وعلم الثواب المعجل الحسي والمعنوي وعلم الاعتبار وعلم العالم العلوي والعالم السفلي وعلم السر الذي قام في المعبودين من دون الله وما المناسبة التي جمعت بينهم وبين من عبدهم ولما ذا شقوا شقاوة الأبد ولم تنلهم المغفرة ولا خرجوا من النار وعلم الغيرة الإلهية والغيرة من كل غيور ولما ذا ترجع والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الرابع عشر وثلاثمائة في معرفة منزل الفرق بين مدارج الملائكة والنبيين والأولياء من الحضرة المحمدية) تتنزل الأملاك من ملكوته * في قالب الأنوار بالأسرار
(٥٢)