قوة الكثير فلا يقاومه الكثير وفيه علم تأثير الكون في الكون هل يفتقر إلى أمر إلهي أو إلى العلم أو منه ما يكون عن علم ومنه ما يكون عن أمر إلهي ومراتب الخلق في ذلك وفيه علم سرد الأخبار وما فائدتها الزائدة على تأنيس النفوس بها فإن النفوس تستحلي الأحاديث بطبعها وفيه علم تفاضل العالم في العلم وفيه علم ما ينبغي أن يضاف إلى الحق من الأمور وما لا ينبغي وإن كان له وفيه علم عزة النفس أن يلحق بها المذام مع كونها متصفة بها فما الذي يحجبها حتى تتصف بالمذام ولا تحب أن توصف بها وفيه علم مفاضلة النفوس بعضها بعضا على الإطلاق وفيه علم سبب دوام النعم وعدم دوام نقيضه بها وفيه علم المدد ولما ذا يرجع انتهاؤها فيما يوصف منها بالانتهاء هل هو للفعل الموجود فيها أو هل هو لأمر آخر وفيه علم تقاسيم الزمان إلى أزمنة وهو عين واحدة وفيه علم طلب الأعمال الجزاء وإن تنزه العاملون عنها وفيه علم من أعلى منزلة هل المتنزه عن طلب الأعواض أو طالب الأعواض وفيه علم بدء الرسالة في العالم ما سببه وهل في العالم من خرج عن التكليف أم لا وفيه علم ما يتميز به العالي من الأسفل هل بنفسه أو بأمر نسبي والأشرف منهما وفيه علم اختلاف الآيات لاختلاف الأعصار والأحوال وأين ذلك من العلم الإلهي وفيه علم دخول الواسع في الضيق من غير إن يتسع الضيق أو يضيق الواسع وفيه علم الفرق بين الإناث والذكور في كل صنف صنف وفيه علم من يصح عليه اسم الأخوة ممن لا يصح ومراتب الأخوة وفيه علم الموازنات الإلهية والموضوعة وفيه علم السبب الذي يقوم بالإنسان حتى يعمى قلبه عن طريق الحق مع علمه بالإمكان وهو من أعجب الأشياء مثل قول من قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء مع علمهم بأن ذلك ممكن ولم يوفقهم الله أن يقولوا تب علينا أو أسعدنا وفيه علم مراتب الوحي الإلهي في الإنسان وفيه علم الدلالة التي لا يمكن ردها وفيه علم الفرقان بين النظم والمنظوم والنثر والمنثور وهو علم المقيد والمطلق وفيه علم التقلب من حال إلى حال ومن منزل إلى منزل وفيه علم تنزل الأرواح النارية من أين تنزل وعلى من تنزل وأين محلها وما ينبغي أن ينسب إليها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والخمسون وثلاثمائة في معرفة منزل إياك أعني فاسمعي يا جارة وهو منزل تفريق الأمر وصورة الكتم في الكشف من الحضرة المحمدية) انظر إلى نقص ظل الشخص فيه إذا * ما الشمس تعلو فتفني ظله فيه ذاك الدليل على تحريكه أبدا * بدأ وفيئا وهذا القدر يكفيه لو كان يسكن وقتا ما بدا أثر * في الكون من كن وذاك الحكم من فيه فالكون من نفس الرحمن ليس له * أصل سواه فحكم القول يبديه خلاف ما يقتضيه العقل فارم به * فإن حكمة شرع الله تقضيه ما إن رأيت له عينا ولا أثرا * ولو يكون لكان العقل يخفيه اعلم أيدك الله بروح منه أن الأشياء لما خلقها الله على حكم ما اقتضاه الوجود الأصل الذي هو عليه وله وجد كل ما سوى الله تعالى فما خلق شيئا إلا وخلق له ضدا ومثلا وخلافا فجعل الموافقة في الخلاف والمنافرة في الضد والمناسبة في المثل فأشد الأشياء مواصلة ومحبة واتحادا الخلاف مع مخالفه ولهذا يكون الخلاف بحسب من يخالفه ولا يتميز عن صاحبه إلا بحكمه فيتحد الخلافان بالمحل ويتميزان بالحكم فيه وأما المثل مع مثله فإن المناسبة تجمع بينهما في المودة فيحب كل مثل مثله بما فيه من مناسبة المثلية وإن لم يجتمعا فيشبه المثل الخلاف في المحبة وإن كان بينهما فرقان بالحقائق فيهما ويشبه الضد في أنهما لا يجتمعان أبدا فهما كغائب أحب غائبا وهام فيه عشقا وحكمت الموانع بأن لا يجتمعا وأما الضد مع ضده فالنافرة بينهما ذاتية وليس بينهما المودة التي بين الخلافين فكل واحد من الضدين يريد ذهاب عين ضده من الوجود بخلاف الخلافين فالمودة التي بينهما تمنع كل واحد منهما أن يريد ذهاب عين خلافه من الوجود لكن يريد ويشتهي أن لو يمكن الاتحاد به حتى لا تقع المشاهدة إلا على واحد بعينه ويغيب فيه الآخر إيثارا من كل خلاف على نفسه لخلافه لكنهما لا يجتمعان أبدا لذاتهما مثال المثلين بياضان ومثال الضدين بياض وسواد ومثال الخلافين لون ورائحة أو طعم
(٢٦٩)