فمن كان دون اللوح والقلم الذي * له الحكم فينا بالتعانق واللثم فلا بد من كون يكون بضمه * إلى لوحه فالكون في رتبة الكم وفي الكيف فانظر في الذي قد نظمته * وكن منه في هذا الوجود على علم (وصل) اعلم أن لله مجالس مع عباده وعددها على عدد ما فرض عليهم سبحانه مما كلفهم به ابتداء فلما سواها دعاهم إليها ليجالسوه فيها فمن تخلف عن مجالسته فيها فقد عصى دعوته ولله مجالس تسمى مجالس الايمان خيرهم في مجالسته فيها على وجه خاص فيجالسهم فيها إذا دخلوها من حيث دعاهم إليها فيجدون خيرا كثيرا فإن دخلوها لا من حيث دعاهم إليها لم يجالسوه فيها ولا وجدوا فيها خيرا ولا شرا وعدد هذه المجالس بعدد ما أباح لهم في الشرع أن يتصرفوا فيه مما لا أجر فيه ولا وزر فإذا فعلوا المباح من حيث إن الله تعالى أباحه لهم وهم مؤمنون بذلك حضر معهم بالإيمان فهذا معنى قولي من حيث ما دعاهم إليها ولله مجالس في هذه المجالس التي أباح لهم الدخول فيها ليجالسوه إذا جاءوا إليها من حيث ما دعاهم إلى الدخول فيها فإذا لم يأتوا إلى هذه المجالس التي في مجالس الإباحة المعينة منها ولا جالسوا الحق فيها فقد عصوه وكان حكمهم في ترك مجالسته فيها حكم مجالس الفرائض وأعني بالفرائض كل ما أذكره من فعل وترك حتى يشمل الحظر والكراهة التي في مقابلة الندب وعدد هذه المجالس بعدد ما أوجبوه على أنفسهم بالنذر فأوجبه الله عليهم وبعدد ما أمرهم به أولو الأمر منهم فأوجب الله عليهم طاعتهم في ذلك فإن لم يدخلوا هذه المجالس فقد عصوا وإنما جعلنا هذه المجالس معينة في مجالس الإباحة لأن النذر لا يكون إلا فيما أبيح له فعله وخيره الحق فيه بين الفعل والترك وكذلك ما أمرهم به أولو الأمر منهم ما لهم أمر فيهم إلا بما أبيح لهم فعله فيجالسهم الحق في هذه المجالس المعينة مجالسته لهم في مجالس الفرائض ولله مجالس أعدها سبحانه لعباده تسمى مجالس نوافل الخيرات بينها وبين مجالس الإباحة الترجيح فإن الإباحة ليس فيها ترجيح وكما قلنا في كل ذلك من فعل وترك وقرن تعالى محبته العالية السامية لأهل مجالس الفرائض وقرن محبة أخرى دون هذه المحبة لأهل مجالس نوافل الخيرات وعدد هذه المجالس بعدد النوافل ولا تكون نافلة إلا ما كان له مثل في الفرائض كصدقة التطوع نافلة لأن لها أصلا في الفرائض وهو الزكاة وكذلك الحج والصيام والصلاة وكل فرض ولله مجالس يجالس الحق فيها عباده تسمى مجالس السنن الكيانية وهو قوله ص من سن سنة حسنة وتسمى في العامة بدعة حسنة لأنها مبتدعة لمن سنها ما كتبها الله علينا ولا أوجبها وعددها على عدد ما سن من ذلك وعدد من عمل بها كل ذلك يكون مجالسة الحق فيها مع من سنها من حيث لا يشعر إلا أن يكشف الله له في سره بمجالسته إياه بعدد كل عامل بها فيرى مجالسته غريبة وهو غير عامل لها في الوقت فيقال له إن فلانا وفلانا عملا بالخير الذي سننته فجالسناه فيه فجالسناك فاحمد فعلك فيشكر الله على ذلك ولكل مجلس باب عليه يكون الدخول إلى هذه المجالس وعلى كل باب بواب وهو الايمان ومن المجالس ما يكون عليها بوابان الايمان والنية والأبواب ما هي غير الشروع في ذلك العمل الذي هو بمنزلة الدخول فالحال الذي يكون عليه في أول الشروع الذي هو الدخول ذلك هو الباب قال تعالى والذين هم على صلاتهم دائمون والمصلي يناجي ربه والمناجاة ذكر وهو جليس من ذكره سبحانه والدوام على مناجاته أن يكون العبد في جميع أحواله وتصرفاته مع الله كما هو في صلاته يناجيه في كل نفس وسبب ذلك كونه لا بد أن يكون على حال من الأحوال ولا بد أن يكون للشارع وهو الله في ذلك الحال حكم أي حكم كان وهو سبحانه حاضر مع أحكامه حيث كانت فالمراتب تناجيه في كل حال محظور وغير محظور لأن الأفعال والتروك وهي أحوال العبد التي تعلقت بها أحكام الحق مقدرة فلا بد من وقوعها وهو سبحانه خالقها فلا بد من حضوره فيها فيناجيه هذا العبد الذي قد عرف بحضور الحق معه في حاله فهذا هو الدوام على الصلاة وقالت عائشة تخبر عن حال رسول الله ص إنه كان يذكر الله على كل أحيانه تشير إلى ما قلناه فإنه قد كان يأتي البراز وهو ممنوع أن يذكر بلسانه ربه في تلك الحال وقد كان من أحيانه يمازح العجوز والصغير ويكلم الأعراب ويكون في هذه الأحيان كلها ذاكرا وهذا هو الذي يقال فيه ذكر القلب الخارج عن ذكر اللفظ وذكر الخيال فمن ذكر الله بهذا الذكر فهو
(٢٢٢)