يعرفه إلا الأنبياء خاصة فالحمد لله الذي من علينا بمعرفته وما رأينا ذلك إلا بكون الله أمتن علينا بالاحترام التام لرسله ع وشرائعه المنزلة وعلم الصلاح يختص بهم فمكنني الله من جنى ثمرته فقد نبهتك على الطريق الموصلة إلى علم الصلاح الذي أغفل الناس طريقه وجعلوه في الطبقة الرابعة وأخذوا الطريق خطا مستقيما وطريق الحق ليس كذلك وإنما هو مستقيم الاستدارة فإن القوم جهلوا معنى الاستقامة في الأشياء ما هي فالاستقامة الدائرة أن تكون دائرة صحيحة بحيث أن يكون كل خط يخرج من النقطة إلى المحيط منها مساويا لصاحبه وسائر الخطوط كما إن الاستقامة في الشكل المربع والمثلث أن يكون متساوي الأضلاع بتساوي الزوايا كما إن الاستقامة في الشكل المثلث المتساوي الساقين أن يكون متساوي الساقين فكل شئ لم يخرج عما وضع له فهي استقامته وعلم العين وعلم الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع عشر وثلاثمائة) في معرفة منزل الابتلاء وبركاته وهو منزل الإمام الذي على يسار القطب عجبت لدار قد بناها وسواها * وأسكنها روحا كريما وأبلاها وخربها تخريب من لا يقيمها * فمن لي بجمع الشمل من لي ببقياها وقد كان علا ما بما قد أقامه * فيا ليت شعري ما الذي كان أدراها ولم لا بناها أولا وأقامها * إقامة باق لا يزول محياها وما فعلت ما تستحق به الردا * فما كان أسناها وما كان أقواها لقد عبثت فينا وفيها يد البلى * وبعد زمان ردها ثم علاها ورد إليها ذلك الروح فاستوى * على عرشها ملكا وخلد سكناها وأورثها عدنا وخلدا عناية * فأسكنها فردوسها ثم مأواها اعلم أيدك الله أيها الولي الحميم والصفي الكريم أن الحياة للأرواح المدبرة الأجسام كلها النارية والترابية والنورية كالضوء للشمس سواء فالحياة لها وصف نفسي فما يظهرون على شئ إلا حيي ذلك الشئ وسرت فيه حياة ذلك الروح الظاهر له كما يسرى ضوء الشمس في جسم الهواء ووجه الأرض وكل موضع تظهر عليه الشمس ومن هنا يعلم من هو روح العالم وممن يستمد حياته وما معنى قوله تعالى الله نور السماوات والأرض ثم مثل فقال مثل نوره كمشكاة وهي الكوة فيها مصباح وهو النور إلى آخر التشبيه فمن فهم معنى هذه الآية علم حفظ الله العالم فهذه الآية من أسرار المعرفة بالله تعالى في ارتباط الإله بالمألوه والرب بالمربوب فإن المربوب والمألوه لو لم يتول الله حفظه دائما لفنى من حينه إذ لم يكن له حافظ يحفظه ويحفظ عليه بقاءه فلو احتجب عن العالم في الغيب انعدم العالم فمن هنا الاسم الظاهر حاكم أبدا وجود أو الاسم الباطن علما ومعرفة فبالإسم الظاهر أبقى العالم وبالاسم الباطن عرفناه وبالاسم النور شهدناه فإذا كانت حياة الإنسان الذي هو مقصودنا في هذا الباب لأنه باب الابتلاء وهو يعم المكلفين من الثقلين فإنه كل ما سوى الثقلين ليسوا مثلنا في حكم العبادة والتكليف فكلامي على الإنسان وحده من حيث حياته كلامي على كل ما سوى الله وكلامي ابتلائه كلامي على كل مكلف من الثقلين قال تعالى وكان عرشه على الماء على هنا بمعنى في أي كان العرش في الماء كما إن الإنسان في الماء أي منه تكون فإن الماء أصل الموجودات كلها وهو عرش الحياة الإلهية ومن الماء خلق الله كل شئ حي وكل ما سوى الله حي فإن كل ما سوى الله مسبح بحمد الله ولا يكون التسبيح إلا من حي وقد وردت الأخبار بحياة كل رطب ويابس وجماد ونبات وأرض وسماء وهذه هي التي وقع فيها الخلاف بين أهل الكشف وغيرهم ممن ليس له كشف وبين أهل الايمان وبين من لا يقول بالشرائع أو من يتأول الشرائع على غير ما جاءت له فيقولون إنه تسبيح حال وأما ما أدرك الحس حياته فلا خلاف في حياته وإنما الخلاف في سبب حياته ما هو وفي تسبيحه بحمد ربه لما ذا يرجع إذ لا يكون التسبيح إلا من حي عاقل يعقل ذلك وما عدا الإنسان والجن من الحيوان ليس بعاقل عند المخالف بخلاف ما نعتقد نحن وأهل الكشف والايمان الصحيح وأعني بالعقل هنا العلم فالعرش هنا عبارة عن الملك
(٦٥)