الموت لا يكون إلا عن حياة وعلوم هذا المنزل كثيرة فقصدنا منها إلى التعريف بالأهم من ذلك مما تتعلق السعادة بالعلم به وإن كان العلم كله عين السعادة لكن في العموم ليست السعادة إلا حصول اللذات ونيل الأغراض والفوز من الآلام والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل التقليد في الأسرار) في كل حكم من الأحكام تقليد * وفيه سلطنة فينا وتأييد لولاه ما كان لي في علمنا قدم * به ولا كان تنزيل وتوحيد إن الخلافة تقليد وسلطنة * فهي الإمام الذي للحق مشهود هي الأمانة ما ينفك صاحبها * في طاعة وهو عند الله محمود جميع من في وجود الله يرقبه * في سره فهو في الأكوان مقصود حلاه ربي بما تعطيه حضرته * من الصفات فما في العلم موجود سواه فهو إمام الخلق كلهم * وهو الإله فمجهول ومحدود اعلم أيدنا الله وإياك بروحه القدسي أن التقليد هو الأصل الذي يرجع إليه كل علم نظري أو ضروري أو كشفي لكنهم فيه على مراتب فمنهم من قلد ربه وهم الطائفة العلية أصحاب العلم الصحيح ومنهم من قلد عقله وهم أصحاب العلوم الضرورية بحيث لو شككهم فيها مشكك بأمر إمكاني ما قبلوه مع علمهم بأنه ممكن ولا يقبلونه فإذا قلت لهم في ذلك يقولون لأنه لا يقدح في العلم الضروري وأمثلته كثيرة لا أذكرها من أجل النفوس الضعيفة لقبولها فيؤدي ذلك إلى ضرر وهوس فذلك يمنعني أن أبينها ومنهم من قلد عقله فيما أعطاه فكره وما ثم إلا هؤلاء فقد عم التقليد جميع العلماء والتقليد تقييد فما خرج العالم عن حقيقته فإنه الموجود المقيد فلا بد أن يكون علمه مقيدا مثله والتقييد فيه عين التقليد غير أنه ذم في بعض المواطن وهي معلومة وحمد في بعض المواطن وهي معلومة وليس في المنازل أصعب مرتقي من هذا المنزل هو أصعب من منزل عقبات السويق لأن صاحب ذلك المنزل تارة وتارة وصاحب هذا المنزل ثابت القدم فيه فإذا كان التقليد هو الحاكم ولا بد ولا مندوحة عنه فتقليد الرب أولى فيما شرع من العلم به فلا تعدل عنه فإنه أخبرك عن نفسه في العلم به فيما قلدت فيه عقلك من حيث تقليده لفكره الناظر به في دليله وأعطاك نقيضه من العلم به والأصل في العالم الجهل والعلم مستفاد فالعلم وجود والوجود لله والجهل عدم والعدم للعالم فتقليد الحق الذي له الوجود أولى من تقليد من هو مخلوق مثلك فكما استفدت منه سبحانه الوجود فاستفد منه العلم فقف عند خبره عن نفسه بما أخبر ولا تبال بالتناقض في الأخبار فإنه لكل خبر مرتبة ينزل ذلك الخبر فيها وأنت الحضرة الجامعة لتلك المراتب فكن على بينة من ربك لم تقل من عقلك لأنه لا يحيلك إلا على نفسه لأنه خلقك له فلا يعدل بك عنه فإذا تجلى لك في ضرورة عقلك وجدت استنادك ولا بد إلى أمر ما لا تعلمه من حيث تقليدك لهذه الضرورة العقلية فإذا تجلى لك في نظر عقلك وجدت في نفسك أن هذا الذي استندت إليه في وجودك أمر وجودي لا يشبهك إذ عينك وكل ما يقوم بك ويكون وصفا لك محدث مفتقر إلى موجد مثلك فيقول لك عقلك من حيث نظره إن هذا الموجود ليس مثله شئ من العالم وأنت جميع العالم لأن كل جزء من العالم يشترك مع الكل في الدلالة على ما قررناه وإذا تجلى لك في الشرع أبان لك عن التفاوت في مراتب العالم فتجلى لك في كل مرتبة فقلد في ذلك الشارع حتى يكشف لك فترى الأمر على صورة ما أنت به فقلدت ربك فرأيته مشبها ومنزها فجمعت وفرقت ونزهت وشبهت وكل ذلك أنت لأنه تجل إلهي في المراتب وأنت الجامع لها وهي لك وللعالم كله وهي الحاكمة على كل من ظهر فيها فينصبغ في عين الناظر إليه بها ولذلك قلت لك وكل ذلك أنت فإن العالمين من العلامة والعلامة لا تدل إلا على محدود فلا تدل إلا عليك والله غني عن العالمين فالعالم لا يدل على العلم بذاته وإنما يدل على العلم بوجوده فاعلم أن الحق هو على الحقيقة أم الكتاب والقرآن كتاب من جملة الكتب إلا أن له الجمعية دون سائر الكتب ومع هذا فإنه صفة الحق والصفة تطلب من تقوم به والنسبة تطلب
(١٦٠)