الآخرة ويرجع الأمر إلى حكم أخذ الميثاق بالرحمة التي وسعت كل شئ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والتسعون وثلاثمائة في معرفة منازلة منزل من دخله ضربت عنقه وما بقي أحد إلا دخله) لولا وجود الحق في الخلق * لم يبق من يبقى ومن يبقى قلت له إن كنت لي مغنيا * من غير ما تحكم فاستبق ما أنا غير لا ولا عينكم * لأنني اعلم من يلقي فانظر إلى الحكمة مكشوفة * في الحق إذ ينعت بالحق وهذا هو منزل الاتحاد الذي ما سلم أحد منه ولا سيما العلماء بالله الذين علموا الأمر على ما هو عليه ومع هذا قالوا به فمنهم من قال به عن أمر إلهي ومنهم من قال به بما أعطاه الوقت والحال ومنهم من قال به ولا يعلم أنه قال به فأحوال الخلق مختلفة فيه فأما أصحاب النظر العقلي فأحالوه لأنه عندهم يصير الذاتين ذاتا واحدة وذلك محال ونحن وأمثالنا ترى ذاتا واحدة لا ذاتين ويجعل الاختلاف في النسب والوجوه والعين واحدة في الوجود والنسب عدمية وفيها وقع الاختلاف فتقبل الضدين الذات الواحدة من نسبتين مختلفتين فالله يقول فأجره حتى يسمع كلام الله ويقول وهو القائل على لسان عبده سمع الله لمن حمده ويقول كنت سمعه الذي يسمع به وبصره ولسانه ويده ورجله وغير ذلك قولا شافيا لأنه ذكر أحكامها فقال الذي يبطش بها ويسعى بها ويتكلم به ويسمع به ويبصر به ويعلم ومعلوم أنه يسمع بسمعه أو بذاته يسمع وعلى كل حال فجعل الحق هويته عين سمع عبده وبصره ويده وغير ذلك فأما ذات العبد وإما صفته وأما نسبته فهذا قول الحق الذي فيه يمترون والملك يقول مع علمه بذلك ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك والجن يقول أنا خير منه والرسول يقول ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ومن الناس من يقول أئنا لمردودون في الحافرة والسماوات والأرض والجبال تأبى وتشفق من حمل الأمانة وتقول أتينا طائعين فما في العالم إلا من نسب الفعل إليه أي إلى نفسه مع علم العلماء بالله أن الفعل لله لا لغيره والله يقول والله خلقكم وما تعلمون فأضاف العلم إليهم وهو خالقه وموجدة أعني العمل فأين حال الدعاوي * من حال من يتبرأ * والأمر في العين فرد * أحكامه فيه تترى وقال الهدهد أحطت علما بما لم تحط به وقالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وقال الله يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم وقالت الجلود أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وقال وإن من شئ إلا يسبح بحمده فما ترك شيئا من المخلوقات إلا وأضاف الفعل إليه إلا إن هذا المنزل لا يتمكن لمن دخله أن يرأس عليه أحد من جنسه لا بل ولا أحد من المخلوقين وهو تعريف إلهي في حضرة خيال ومقامه أن يكشف له عن ماهية أحكام نفسه فيرى أنه محال أن يرأس عليه أحد فإن كشف له عن ماهيات أحكام نفوس العالم يرى أنه من المحال أن يرأس على أحد أو يرأس عليه أحد فإن الأمر واحد في نفسه والواحد لا يرأس على نفسه وهو مشهد عزيز العالم كله فيه ولا يعلمه إلا من شاهده ثم من هذا المقام ما تخيله من لم يطلع على صورة الأمر على ما هو عليه في نفسه من قوله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فتخيل أنه عينه الثابت في العدم ربما حصل لها الوجود لما رآه من حكم عينها في وجود الحق حتى انطلق عليه اسم هذا العين وما علم إن الوجود وجود الحق والحكم حكم الممكن مع ثبوته في عدمه فلما تخيل بعض الممكنات هذا التخيل من اتصافه بالوجود حكم بأنه قد شارك الحق في الوجود فصح له المقام مقام الجمع بوجود الحق في الوجود وفي نفس الأمر الوجود عين الحق ليس غيره فلما أدخله حضرته تعالى ضرب عنقه أي أزال جماعته لأن العنق الجماعة فلما زال عنه إطلاق الجماعة عليه بما أعطاه من أحدية الأمر وعلم أنه جهل في إمكانه نفسه وأن جميع الممكنات مثله في هذا الحكم وهو قوله وما بقي أحد إلا دخله أي في نفس الأمر ما ثم إلا أحدية مجردة علمها من علمها وجهلها من جهلها وهذا الحكم يظهر في الشهادة في وجود الحق بالاسم الخاص الذي لذلك الممكن الذي يقال فيه إنه عالم وجاهل وما كان من الأسماء والأحكام للممكنات والوجود للحق فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
(٥٦٦)