فكان باطن الجبابرة ظاهر هذا الأعمى فحصل في النفس البشرية ما حصل والنبي ص ليس له مشهود إلا صفة الحق حيث ظهرت من الأكوان فإذا رآها أعمل الحيلة في سلبها عن الكون الذي أخذها على غير ميزانها وظهر بها في غير موطنها وهو ص غيور فقيل له أما من استغنى فأنت له تصدى يقول إنه لما شاهد صفة الحق وهي غناه عن العالم تصدى لها حرصا منه أن يزكى من ظهر بها عنده فقيل له ما عليك ألا يزكى ولك ما نويت وحكمه لو تزكي لما فاتك شئ سواء تزكي أو لم يتزك وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى لكونه أعمى أي لا تتطير فنهاه عن الطيرة فمن هنا كان يحب الفال الحسن ويكره الطيرة وهو الحظ من المكروه والفأل الحسن الحظ والنصيب من الخير وقيل له أيضا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وانظر فيهم صفة الحق فإنها مطلوبك في الكون فإني أدعو عبادي بالغداة والعشي وفي كل وقت أريد وجههم أي ذاتهم أن يسمعوا دعائي فيرجعوا إلي ولا تعد عيناك عنهم فإنهم ظاهرون بصفتي كما عرفتك تريد زينة الحياة الدنيا فهذه الزينة أيضا في هؤلاء وهي في الحياة الدنيا فهنا أيضا مطلوبك ولا تطع فإنهم طلبوا منه ص أن يجعل لهم مجلسا ينفردون به معه لا يحضره هؤلاء الأعبد من أغفلنا قلبه عن ذكرنا أي جعلنا قلبه في غلاف فحجبناه عن ذكرنا فإنه إن ذكرنا علم إن السيادة لنا وأنه عبد فيزول عنه هذا الكبرياء التي ظهر بها التي عظمتها أنت لكونها صفتي وطمعت في إزالتها عن ظاهرهم فإني أعلمتك أني قد طبعت على كل قلب متكبر جبار فلا يدخله كبر وإن ظهر به واتبع هواه أي غرضه الذي ظهر به وكان أمره فرطا أي ما هو نصب عينيه له وهو مشهود له لا يصرف نظره عنه إلى ما يقول له الحق على لسان رسوله وما يريده منه وقل الحق من ربكم فمن شاء الله أن يؤمن فليؤمن ومن شاء الله أن يكفر فليكفر فإنهم ما يشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين فكان رسول الله ص إذا أقبل عليه هؤلاء قال ص مرحبا بمن عتبني فيهم ربي ويمسك نفسه معهم في المجلس حتى يكونوا هم الذين ينصرفون ولم تزل هذه أخلاقه ص بعد ذلك إلى أن مات فما لقيه أحد بعد ذلك فحدثه إلا قام معه حتى يكون هو الذي ينصرف وكذلك إذا صافحه شخص لم يزل يده من يده حتى يكون الشخص هو الذي يزيلها هكذا رويناه من أخلاقه ص لرؤيتنا النعت الإلهي ميزان * إذا ظهرت فيه لذي العين أكوان يعامله الحبر اللبيب بما أتى * به عن رسول الله شرع وقرآن فذلك هو الإسلام فاعمل بحكمه * كما هو إيمان كما هو إحسان (وصل) أداء الحقوق نعت إلهي طولب به الكون قال تعالى أعطى كل شئ خلقه فذلك حق ذلك الشئ الذي له عند الله من حيث ذاته فهو حق ذاتي والحق العرضي الذي له عند الله هو قوله أوف بعهدكم فهذا حق على الله أوجبه على نفسه لمن وفى بعهده ومن لم يف فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة فمن عباد الله من يدخل الجنة بالاستحقاق ومنهم من يدخلها بالمشيئة لا بالاستحقاق كما أنه إثم من يدخل النار بالاستحقاق وهم المجرمون خاصة وهم أهلها فلا يخرجون منها أبدا ولهذا يقال لهم يوم القيامة وامتازوا اليوم أيها المجرمون أي أهل الاستحقاق الذين يستحقون سكنى هذه الدار وما عدا المجرمين فإنهم وإن دخلوا النار فلا بد وأن يخرجوا منها بشفاعة الشافعين أو بمنة الله عليهم وهم الذين ما عملوا خيرا قط وإن كان المجرمون قد عملوا خيرا ولكن الاستحقاق يطلبهم بالإقامة فيها فصورتهم صورة من يفعل ذلك بالخاصية فمن أعطى الحق من نفسه فما ترك عليه حجة لأحد ومن زاد على الحق فذلك امتياز له وثناء من الله خاص وهذا نعت فيه بين أهل الله كلام فإنه في إعطاء الواجب عبد اضطرار وفي الامتنان عبد اختيار فمن الناس من رجح مقام عبودية الاختيار على عبودية الاضطرار فإن الاضطرار جبر فحكمه غير حكم المختار قال الله تبارك وتعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وغير المكره إذا كفر أخذ بكفره وأي شئ فعل جوزي بفعله بخلاف المجبور وما بقي النظر إلا في معرفة من هو المجبور المكره وما صفته فإن بعض العلماء لم يصح عنده الجبر والإكراه على الزنا فيؤاخذ به فإن الآلة لا تقوم له إلا بسريان الشهوة وحكمها فيه وعندنا إنه
(٢٢٠)