في مال الإنسان الزكاة حقا لأصناف مذكورين فأوجب على أصحاب الأموال على وجه مخصوص إخراجها وأوجب على الإمام أخذها ولم يوجب على الأصناف أخذها فهم مخيرون في أخذ حقهم وفي تركه كسائر الحقوق فمن أخذها منهم أخذ حقه ومن ترك أخذها ترك حقه وله ذلك واعلم أن الإمام هو المطلوب بعلم هذه التقاسيم والقيام بها ما كل من حاز الجمال بيوسف * إن الجميل هو الإمام المنصف إن كنت تدرك ما تريد وتشتهي * أنت المحب والمبرأ يوسف فإن غلب على ظن الإمام أن المذكورين في قوله تعالى واعلموا أنما غنمتم الآية والتي في سورة الحشر التي فيها ذكر الأصناف حظهم من المغنم الخمس خاصة يقسم فيهم هكذا وما بقي فلبيت مال المسلمين يتصرف فيه الإمام بما يراه فإن شاء أعطاه المجاهدين على ما يريده من العدل والسواء في القسمة أو بالمفاضلة كما يفعل فيما بقي من المال الموروث بعد أخذ هل الأنصباء ما عين الحق لهم أو أراد هذا الإمام أن يعود بما بقي على أولي الأرحام من أهل الميت فيعطي أصحاب الأنصباء زائدا على انصبائهم من كونهم أولي أرحام الميت وإن غلب على ظن الإمام أن الخمس الأصلي لله وحده وما بقي فلمن سمى الله تعالى وقد جعل الله للمجاهدين في سبيل الله نصيبا في الصدقات وما جعل لهم في المغنم إلا ما نفلة به الإمام قبل القسمة أو ما أعطاه له بقوله من قتل قتيلا فله سلبه وإنما عرض الكلام في مثل هذا في المنزل لما فيه من الحظ المنسوب إلى الله خاصة فما غرضنا ما هو الحكم في المغانم وقسمتها في علم الرسوم وإنما المغانم عندنا في هذا الطريق ما حصل للإنسان من العلوم الإلهية التي أعطانا الله إياها عن مجاهدة وجهاد نفس كما أنه للمؤمن تجارة في نفس إيمانه وهي التجارة لمنجية من العذاب الأليم فكل علم حصل عن جهاد فهو مغنم ويقسم على ما يقسم عليه المغانم فالنصيب الذي لله تعالى منه ما تعلق به الإخلاص والذي لرسول الله منه الايمان به والذي لذي القربى منه المودة فيهم والذي لليتامى منه هو ما حصل من العلم قبل بلوع العامل إلى الغاية (وصل) والغاية حدها الذي يغنيه عن إضافة العمل إليه فإن الصبي قبل البلوغ حركته وأفعاله إليه فإذا بلغ رجع حكم الأفعال منه إلى الله بعد ما كانت إليه والنبي ص يقول لا يتم بعد حلم فكل ما حصل له قبل البلوغ فهو حقه الذي له من نفسه إذ عينه لله له والذي للمساكين فهو الحظ الذي حصل لهم بالعجز وعدم القدرة وسلب القوة فإن الله هو ذو القوة المتين والذي لابن السبيل فهو الحظ الذي له من حيث إنه ابن للطريق إلى الله فإن النبي ص يقول إن للدنيا أبناء وللآخرة أبناء فكونوا من أبناء الآخرة وهم أبناء السبيل ولا تكونوا من أبناء الدنيا فأما صورة الإخلاص في العمل فهو إن تقف كشفا على إن لعامل لذلك العمل هو الله كما هو في نفس الأمر أي عمل كان ذلك العمل مذموما أو محمود أو ما كان فذلك هو حكم الله تعالى فيه ما هو عين العمل وضح في الخبر أن الله تعالى يقول من عمل عملا أشرك فيه غيري فإنا منه برئ وهو للذي أشرك فنكر العمل وما خص عملا من عمل والضمير في فيه يعود على العمل والضمير في منه يعود على الغير الذي هو الشريك وضمير هو يعود على المشرك فإن الله لا يتبرأ من العمل فإنه العامل بلا شك وإنما يتبرأ من الشريك لأنه عدم والله وجود فالله برأ من العدم فإنه لا يلحقه عدم ولا يتصف به فإنه واجب الوجود لذاته فالبراءة صحيحة وكذلك في قوله براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فهو أيضا تبرأ من الشريك لأن الشريك ليس ثم فهو عدم لأنه قال من المشركين فهو أيضا تبرأ من الشريك فإخلاص العمل لله هو نصيب الله من العمل لأن الصورة الظاهرة في العمل إنما هي في الشخص الذي أظهر الله فيه عمله فيلتبس الأمر للصورة الظاهرة والصورة الظاهرة لا نشك أن العمل بالشهود ظاهر منها فهي إضافة صحيحة فلهذا نقول إنه عين كل شئ من اسمه الظاهر وهنا دليل خفي وذلك أن البصر لا يقع إلا على آلة وهي مصرفة لأمر آخر لا يقع الحس الظاهر عليه بدليل الموت ووجود الآلة وسلب العمل فاذن لآلة ما هي العامل والحس ما أدرك إلا الآلة فكما علم الحاكم أن وراء المحسوس أمرا هو العامل بهذه الآلة والمصرف لها المعبر عنه عند علماء النظر العقلي بالنفس العاقلة الناطقة والحيوانية فقد انتقلوا إلى معنى ليس هو من مدركات الحس فكذلك إدراك أهل الكشف والشهود في الجمع والوجود في النفس الناطقة ما أدرك أهل النظر في الآلة المحسوسة سواء فعرفوا
(٤٧٧)