علم طهارة النفوس هل طهارتها ذاتية أو مكتسبة وفيه علم فضل الشهادتين وما يحمد من الشرك وما يذم وفيه علم مرتبة المؤمن من غيره مع الاشتراك في الإنسانية ولوازمها وحدودها والذي وقع به التمييز موجود في كل إنسان لأنه محقق في نفس الأمر فنسبته إلى كل إنسان نسبة واحدة فلما ذا خصص به المؤمن من غيره وفيه علم مراعاة الأكوان من الأكابر دون الحق هل ذلك من الرحمة بهم أو هو من خور الطبع وفيه علم مرتبة الواجبات الإلهية وفيه علم الشروط والشهادة والقضايا المبثوثة في العالم وفيه علم الانتساب إلى الله ومن ينبغي أن ينسب إلى الله وبما ذا يقع النسب إلى الله الزائد على العبودة وفيه علم غريب وهو نزول الحق إلى العالم في صفاتهم أو عروج العالم إلى الله بصفاته فإن الأمر فيه في غاية الغموض فإن أكثر العلماء بالله يقولون إن الحق نزل إلى نعوت عباده والحقائق تأبى ذلك والكشف وفيه علم الأنوار النبوية المقتبسة من السبحات الإلهية لا الوجهية وفيه علم النقض بعد الإبرام فلما ذا أبرم وفيه علم الاختصاص وأهله في المحسوس والمعقول وفيه علم قرب النفوس وبعدها من الحضرة الإلهية وفيه علم التحجير على الأكابر من العلماء بالله وشهودهم لا يقضى به وفيه علم الآداب الإلهية وما ذا حجب الله عن عباده من المعارف وهل المعارف هي العلوم أو تختلف حقائقها كما اختلفت أسماؤها وفيه علم النفوس والأرواح هل هما شئ واحد أو يفترقان وفيه علم السبب الذي لأجله ظهر السلام في كل ملة وفي الملائكة قال تعالى سلام عليكم بما صبرتم وفيه علم الاسم الإلهي الصبور هل للاسم الحليم فيه حكم أم لا وفيه علم أسباب رفع الأذى من بعض العالم وهل يرتفع من العالم حتى لا يبقى له حكم أم لا وفيه علم فضل ما سوى الإنسان على الإنسان هل هو عام من جميع الوجوه أو يفضل عليه في شئ ويفضل هو على غيره في شئ وما العلة في ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثاني والخمسون وثلاثمائة في معرفة منزل ثلاثة أسرار طلسمية مصورة مدبرة من الحضرة المحمدية) يا قرة العين إن القلب يهواك * لولاك ما كنت في قتلاك لولاك ما لي سوى عين مالي قد علمت به * فإن رضيت بذاك القدر أغناك إن الوجود له فقر ومسكنة * إلى الكمال فبيت الفقر مأواك لا تعجزن لإدراك الكمال فما * في الكون من يعرف المطلوب إلاك اعلم أيدك الله أنه إنما سمي الطلسم بهذا الاسم لمقلوبه يعني أنه مسلط على كل من وكل به فكل مسلط طلسم ما دام مسلطا فمن ذلك ما له تسليط على العقول وهو أشدها فإنه لا يتركها تقبل من الأخبار الإلهية والعلوم النبوية الكشفية إلا ما يدخل لها تحت تأويلها وميزانها وإن لم يكن بهذه المثابة فلا تقبله وهذا أصعب تسليط في العالم فإن صاحبه المحجور عليه يفوته علم كثير بالله فطلسمه الفكر وسلطه الله عليه أن يفكر به ليعلم أنه لا يعلم أمر من الأمور إلا بالله فعكس الأمر هذا المسلط فقال له لا تعلم الله يا عقل إلا بي والطلسم الآخر الخيال سلطه الله على المعاني يكسوها مواد يظهرها فيها لا يتمكن لمعنى يمنع نفسه منه والطلسم الثالث طلسم العادات سلطه الله على النفوس الناطقة فهي مهما فقدت شيئا منها جرت إليه تطلبه لما له عليها من السلطان وقوة التأثير وما يتميز الرجال إلا في رفع هذه الطلسمات الثلاثة فأما الطلسم الأول فرأيت جماعة من أهل الله قد استحكم فيهم سلطانه بحيث إنهم لا يلتذون بشئ من العلوم الإلهية التذاذهم بعلم يكون فيه رائحة فكر فيكونون به أعظم لذة من علمهم بما يعطيهم الايمان المحض بنوره الذي هو أكشف الأنوار وأوضحها بيانا وسبب ذلك ما نذكره وذلك أن نور الايمان وهب إلهي ليس فيه من الكسب شئ ولا أثر للأدلة فيه ألبتة فإنا قد رأينا من حصل العلم بالأدلة وبما دلت عليه بحيث لا يشك ومع هذا لا أثر للإيمان فيه بوجه من الوجوه فلما خرج عن كسب العبد فكأنه إذا فرح بما أعطاه نور الايمان من العلم فرح بما ليس له وأنه إذا أعمل الفكر في تحصيل علم بأمر ما وحصل له عن فكره ونظره فيه واجتهاده كان له تعمل واكتساب فكانت لذته بما هو كسب له أعظم مما ليس له فيه كسب لأنه فيما اكتسبه خلاق ولم يكن ذلك من هؤلاء إلا لجهلهم بأصولهم وبنفوسهم لأنهم لو علموا أنهم ما خرجوا من العدم إلى الوجود إلا بالمنة والوهب وهبة الله لهم فأوجدهم فلم يكن لهم تعمل في ذلك وهم في غاية من الالتذاذ بوجودهم فكانوا على ما يعطي هذا الأصل أفرح بعلوم الوهب الذي يعطيهم نور الايمان من الذي يعطيهم الفكر بنظره
(٢٣٢)