وعلم التعليم وعلم الحياة الآخرة وعلم الإجارة من غيره وعلم الرحمة وعلم الشدة وعلم الربح والخسران وعلم مدارك العقول وعلم نهاية المطلب وعلم الأمر الإلهي وعلم العالم وعلم الاقتدار الإلهي وعلم الإحاطة وهل ينتهي علم الله في العالم أم لا وما رأيت قائلا به إلا شخصا واحدا بمكة كان يرى هذا الرأي وهو مذهب معروف لكني ما كنت رأيت قائلا به فإنه ما من مذهب إلا وقد رأيت قائلا به فالله يسلك بنا سواء السبيل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الموفي عشرين وثلاثمائة في معرفة منزل تسبيح القبضتين وتمييزهما) من عامل الحق بالإخلاص قد ربحا * وإن يكن فيه شرك فهو قد سمحا العلم علمان موهوب ومكتسب * وخير علم ينال العبد ما منحا كذاك معلوم علم الكسب ليس له * في الوزن حظ لأن العبد ما كدحا يغتم قلبك إن خفت موازنه * كما يسر إذا ميزانه رجحا فاقدح زنادك لا تكسل فليس لمن * يسعى إلى الحق قدر غير ما قدحا الفكر في ذات من لا شئ يشبهه * جهل فلا تلتفت للعقل أن جنحا وادخل على باب تفريغ المحل ترى * علم العيان إذا ما بابه فتحا اعلم أن دار الأشقياء وملائكة العذاب وهم في تعظيم الله وتمجيده كما هم ملائكة النعيم في دار النعيم لا فرق كلهم عبد مطيع الواحد ينعم لله والآخر ينتقم لله وكذلك القبضتان وهما العالمان عالم السعادة وعالم الشقاوة وما منهم جارحة ولا فيهم جوهر فرد إلا وهو مسبح لله مقدس لجلاله غير عالم بما تصرفه فيه نفسه المدبرة له المكلفة التي كلفها الله تعالى عبادته والوقوف بهذه الجوارح وبعالم ظاهره عند ما حد له فلو علمت الجوارح ما تعلمه النفس من تعيين ما هو معصية وما هو طاعة ما وافقته على مخالفة أصلا فإنها ما تعاين شيئا من الموجودات إلا مسبحا لله مقدسا لجلاله غير أنها قد أعطيت من الحفظ القوة العظيمة فلا تصرفها النفس في أمر إلا وتحتفظ على ذلك الأمر وتعلمه والنفس تعلم أن ذلك طاعة ومعصية فإذا وقع الإنكار يوم القيامة عند السؤال من هذه النفس يقول الله لها نبعث عليك شاهدا من نفسك فتقول في نفسها من يشهد علي فيسأل الله تعالى الجوارح عن تلك الأفعال التي صرفها فيها فيقول للعين قولي فيما صرفك فتقول له يا رب نظر بي إلى أمر كذا وكذا وتقول الأذن أصغى بي إلى كذا وكذا وتقول اليد بطش بي في كذا وكذا والرجل كذلك والجلود كذلك والألسنة كذلك فيقول الله له هل تنكر شيئا من ذلك فيحار ويقول لا والجوارح لا تعرف ما الطاعة ولا المعصية فيقول الله ألم أقل لك على لسان رسولي وفي كتبي لا تنظر إلى كذا ولا تسمع كذا ولا تسع إلى كذا ولا تبطش بكذا ويعين له جميع ما تعلق من التكليف بالحواس ثم يفعل كذلك في الباطن فيما حجر عليه من سوء الظن وغيره فإذا عذبت النفس في دار الشقاء بما يمس الجوارح من النار وأنواع العذاب فأما الجوارح فتستعذب جميع ما يطرأ عليها من أنواع العذاب ولذا سمي عذابا لأنها تستعذبه كما يستعذب ذلك خزنة النار حيث ينتقم لله وكذلك الجوارح حيث جعلها الله محلا للانتقام من تلك النفس التي كانت تحكم عليها والآلام تختلف على النفس الناطقة بما تراه في ملكها وبما تنقله إليها الروح الحيواني فإن الحس ينقل للنفس الآلام في تلك الأفعال المؤلمة والجوارح ما عندها إلا النعيم الدائم في جهنم مثل ما هي الخزنة عليه ممجدة مسبحة لله تعالى مستعذبة لما يقوم بها من الأفعال كما كانت في الدنيا فيتخيل الإنسان أن العضو يتألم لإحساسه في نفسه بالألم وليس كذلك إنما هو المتألم بما تحمله الجارحة ألا ترى المريض إذا نام لا شك أن النائم حي والحس عنده موجود والجرح الذي يتألم به في يقظته موجود ومع هذا لا يجد العضو ألما لأن الواجد للألم قد صرف وجهه عن عالم الشهادة إلى البرزخ فما عنده خبر فارتفعت عنه الآلام الحسية وبقي في البرزخ على ما يكون عليه إما في رؤيا مفزعة فيتألم أو في رؤيا حسنة فيتنعم فينتقل معه الألم أو النعيم حيث انتقل فإذا استيقظ المريض وهو رجوع نفسه إلى عالم الشهادة قامت به الآلام والأوجاع فقد تبين لك إن كنت عاقلا من يحمل الألم منك ومن يحس به ممن لا يحمله ولا يحس به
(٧٥)