الخاص الذي من الله لعبده لا يطلع على ذلك الوجه إلا صاحبه إذا اعتنى الله به وما من مخلوق إلا وله ذلك الوجه ويعلمه الله منه أمورا كثيرة ولكن لا يعرف بعض العبيد أنه أتاه ذلك العلم من ذلك الوجه وهو كل علم ضروري يجده لا يتقدم له فيه فكر ولا تدبر وصاحب العناية يعلم أن الله أعطاه ذلك العلم من ذلك الوجه ثم قال له الخضر أيضا وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا فإن كان موسى قد علم وجهه الخاص عرف ما يأتيه العلم من ذلك الوجه وإن كان لم يعلم ذلك فقد نبهه الخضر عليه ليسأل الله فيه فإذا علم الأشياء كلها من ذلك الوجه فهو ملازم لتلك المشاهدة والشؤون الإلهية والأشياء تتكون عن الله وهو ينظر إليها فلا تشغله مع كثرة ما يشاهد من الكائنات في العالم وهو مقام الصديق في قوله ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله وذلك لما ذكرناه من شهوده صدور الأشياء عن الله بالتكوين فهو في شهود دائم والتكوينات تحدث فما من شئ حادث يحدث عن الله إلا والله مشهود له قبل ذلك الحادث وما نبه أحد فيما وصل إلينا على هذا الوجه وما يتكون منه في قلب المعتكف على شهوده إلا أبو بكر الصديق ولكن نحن ما أخذناه من تنبيه أبي بكر الصديق عليه لكوننا ما فهمنا عنه ما أراد ولا فكرنا فيه وإنما اعتنى الله بنا فيه ففاجأنا العلم به ابتداء ولم نكن نعرفه فأنكرنا ذلك وقلنا هذا من أين ففتح الله بيننا وبينه ذلك الباب فعلمنا ما لنا من الحق على الخصوص وعرفنا إن هذا هو الوجه الخاص الذي من الله عز وجل لكل كائن عنه فلزمته واسترحت وعلامة من يدعيه لزوم الأدب الشرعي وإن وقعت منه معصية بالتقدير الإلهي الذي لا بد من نفوذه فإن كان يراها معصية ومخالفة للأمر المشروع فيعلم أنه من أهل هذا الوجه وإن كان يعتقد خلاف هذا فنعلم إن الله ما أطلعه قط على هذا الوجه الخاص ولا فتح له فيه وأنه شخص لا يعبأ الله به فإنه ما من أحد أعظم أدبا مع الشرع ولا اعتقادا حقيقيا فيه إنه الحق كما يعلمه العامي سواء إلا أهل هذا الوجه فإنهم يعلمون الأمور على ما هي عليه فيعلمون إن حظهم من هذا الأمر المشروع والتكليف وحظ الآتي به وهو الرسول وحظ العامة المخاطبين أيضا به على السواء لا فضل لأحدهم على الآخر فيه لأنه لذاته ورد لا لأمر آخر فالذي يحرم بالعموم في الخطاب المشروع على واحد يعم جميع المكلفين من غير اختصاص حتى لو قال بتحليل ذلك في حق شخص يتوجه عليه به لسان الذم في الظاهر كان كافرا عند الجميع وكان كاذبا في دعواه إنه من أهل هذا الوجه فإن أخص علوم هذا الوجه ما جاءت به الشرائع ولذلك قال رسول الله ص لما خطب الناس في حق علي بن أبي طالب إذ قيل له إنه يخطب ابنة أبي جهل على ابنته فاطمة فقال ص إن فاطمة بضعة مني يسوءني ما يسوءها ويسرني ما يسرها وأنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولا تحليل ما حرم الله فمع معرفته بالوجه الخاص الإلهي لم يعطه إلا إبقاء ما هو محرم على تحريمه وما هو محلل على تحليله فما حرم على علي نكاح ابنة أبي جهل إذ كان حلالا له ذلك ولكنه قال إن أراد ذلك يطلق ابنتي فوالله ما تجتمع بنت عدو الله وبنت رسول الله ص تحت رجل واحد وأثنى على زوج ابنته الأخرى خيرا فرجع علي بن أبي طالب عن ذلك فلو كان ذلك الوجه يعطي ما يزعم هذا المجادل أنه أعطاه لكان رسول الله ص أولى بذلك وما فعل وله الكشف الأتم والحكم الأعم والحظ الأوفر إذ هو السيد الأكبر ولا بد لكل شخص من خصوص وصف ينفرد به يعطيه الله ذلك من ذلك الوجه وبه يسعد الله في المال من يقال فيه إنه لا يسعد ولا تناله رحمة الله التي وسعت كل شئ فإنها صدرت من وجوه الاختصاص فعمت العالم والجاهل والطائع والعاصي جعلنا الله ممن نالته في أحواله كلها فيلقي الله ولم يجر عليه لسان ذنب بعد معرفته بهذا الوجه وأحكام المجتهدين وجميع الشرائع من هذا الوجه الخاص صدورها والتعبير للرؤيا بالقوة من غير نظر في كتاب ولا استدلال من هذا الوجه الخاص يكون فمن أراد تحصيله فليلزم ما قررناه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والتسعون وثلاثمائة في معرفة منازلة إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه هذا قول الله الصادق) إن الرجال رجال الله كلهم * والعارفين ومن يبقى ومن غبرا
(٥٥٩)