أخيه فلو لا المشاركة في المطلوب بالوجود من المستعان به ما صدق المستعين في استعانته والمستعين قد يستعين شرفا للمستعان به مع غناه عنه على التعيين وإن كان لا بد من سبب أو يكون ممن يستقل به دون السبب فيقصد جعله سببا لشرفه بذلك على غيره ليعلم منزلته عنده فإن الله قد جعل المفاضلة في العالم وأما المؤاخاة بين الأسماء الإلهية فلا تكون إلا بين الأسماء التي لا منافرة بينها لذاتها فإن الله ما واخى إلا بين المؤمنين ما واخى بين المؤمن والكافر بل لم يجعل لإخوة النسب حظا في الميراث مع فقد أخوة الايمان فليس المدعي إلا أخوة الايمان ألا تراه إذا مات عن أخ له من النسب وهو على غير دينه لم يرثه أخو النسب وورثه أخو دينه والصورة بيننا وبين الحق نسب ودين فلهذا ما يرث الأرض عز وجل إلا بعد موت الإنسان الكامل حتى لا يقع الميراث إلا في مستحق له كما يرث السماء لما فيها من حكم أرواح الأنبياء ع لا من كونها محلا للملائكة فإذا صعقوا بالنفخة ورث الله السماء فأنزل الاسم الوارث الملائكة من السماء وبدل الأرض غير الأرض والسماوات كما ذكرناه فيما قبل من هذا الكتاب فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فالمؤمن لا يبغض المؤمن والمؤمن لا يقتل المؤمن لإيمانه والمؤمن يقتل أخا النسب إذا كان غير مؤمن فهذا القدر كاف في هذا الباب فلنذكر ما يحوي عليه من العلوم فمن ذلك علم صورة نداء الحق عباده من أين يناديهم هل يناديهم من حكم مشيئته أو يناديهم من حيث ما هم عليه ومن ينادي هل ينادي المعرض أو المقبل أو هما وفيه علم الآداب الإلهية ومنازل المخلوقات وما ينبغي أن يعامل به كل مخلوق بل كل موجود وعلم مصالح الموجودات فلا يتصرف صاحب هذا العلم إلا فيما هو مصلحة لنفسه أو لغيره على حسب ما يصرفه المطلوب فهو خارج في تصرفاته عن هوى نفسه إنما هو مع المصالح فهو لكل شئ لا عليه وفيه علم الفهم بما يأتي به كل قائل فيعلم من أين تكلم فيقيم له عذرا فيما ينسب إليه عند من لا يعرف ذلك من الخطاء في قوله وهو علم عزيز يقل الإنصاف فيه من أهله فكيف ممن لا يعرفه وما يؤثر تارك العمل بمثل هذا العلم في صاحبه من الحسرة والندامة على عدم استعماله وفيه علم الحكمة في التغافل والتناسي وهو الحلم والإمهال الإلهي أو من ذي القدرة ليرجع المغفول عنه عما هو عليه مما كان لا ينبغي أن يظهر به ولا عليه وفيه علم كون الأشياء بيد الله ليس بيد المخلوقين منها شئ وإن ظهرت الصور بأيديهم فهي بحكم الاستعارة لا بحكم الملك وفيه علم المنن الإلهية التي أسبغها على العباد في الظاهر والباطن وتعيين ما يمكن أن يعين منها وعلم برزخ المتشاجرين ليقف فيه من يريد رفع التشاجر بينهم وفيه علم الأسماء وشرفها والفرق بينها وبين ما زاد على الإعلام منها مما وضع لمدح أو ذم وفيه علم العدول عن الطريق التي تحول بين العبد وبين حصول العلم فإنه أعلى ما يطلب وأفضل ما يكتسب وأعظم ما به يفتخر وأسد آلة تعد وتدخر وبه مدح الله نفسه بأن له الحجة البالغة وليس إلا العلم وفيه علم مراتب الخلق الإنساني في الخلق فإنهم على طبقات فيه وما يسمى به الإنسان الذي خلقه الإنسان هل هو إنسان أو حيوان في صورة إنسان من حيث نشأة جسده وما الأمر الذي عجز عنه في ظهور النفس الناطقة في هذا المخلوق هل لعدم الاستعداد فيقضي للمنشئ لهذه الصورة ما يقع به قبول نفس ناطقة من النفس الكل أو هل هو تعجيز إرادي إلهي لأنه أمر عظيم وقد ذكر أنه وقع مثل هذا وذكر في الفلاحة النبطية أن بعض العلماء بعلم الطبيعة كون من المني الإنساني بتعفين خاص على وزن مخصوص من الزمان والمكان إنسانا بالصورة وأقام سنة يفتح عينيه ويغلقها ولا يتكلم ولا يزيد على ما يغذى به شيئا فعاش سنة ومات فما يدري أكان إنسانا حكمه حكم الأخرس أو كان حيوانا في صورة إنسان وفيه علم الأنساب والأحساب وفيه علم ما يعتبر الله من المكلف هل يعتبر ظاهره أو باطنه أو المجموع في قبول ما يكون منه بعد التكليف وأما قبله فلا يقيد بل يجري بطبعه من غير مؤاخذة أصلا وهو قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وإذا كان هذا فمن أين وقع الألم للصغير حتى بكى مما يجده وفيه علم كيفية رد الجاهل إلى العلم وفيه علم صورة رد الأمور إلى الله سبحانه وتعالى في قدسه على أي طريق يكون هل بحكم أنه موجدها أو أنه غايتها أو ما هو ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل مبايعة النبات القطب صاحب الوقت في كل زمان وهو من الحضرة المحمدية)
(١٣٥)