القوة على ذلك وعجز فإن كان عجزه عن شهود إلهي أعطاه التصرف في صورته وإن كان عجزه من خلف حجاب نفسه منع من التصرف إذ ليست له قوة إلهية يتصرف بها فهذا قد ذكرنا من ذوق رجال هذا المنزل في هذا المنزل ما بيناه ويطول الشرح لما يحمله كل منزل وهذا منزل ليس في المنازل له شبيه ولا مقاوم وهو من أقوى المنازل منه يقع الإخلاص للنطق بالحكمة بعد الأربعين لمن أخلص من عباد الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والعشرون وثلاثمائة في معرفة منزل المد والنصيف من الحضرة المحمدية) الابتداع شريعة مرعية * أثنى عليها الله في تنزيله هذا بغير حقيقة قد سنها * فمشرع المسنون من تأويله أولى بأن ترعى ويعرف قدرها * هذا هو المعروف من تفصيله اعلم أيدك الله أن من علوم هذا المنزل علم المفاضلة والمفاضلة تكون على ضروب مفاضلة بالعلم ومفاضلة بالعمل والمفاضلة بالعلم قد تقع بفضل المعلومات وقد تكون بطريق الوصول إلى المعلوم فواحد يأخذ علمه عن الله وآخر يأخذ علمه عن كون من الأكوان والذي يأخذ علمه عن الله يتفاضل فمنهم من يأخذ عن سبب كالمتقي بتقواه ومنهم من يأخذ عن الله لا عند سبب ومن الأسباب الدعاء في الزيادة من العلم والمفاضلة في المعلوم فعلم يتعلق بالأفعال وآخر بالأسماء وآخر بالذات فبين العلماء من الفصل ما بين متعلقات هذه العلوم والكل علم إلهي وكذلك المفاضلة بالأعمال قد تكون بأعيانها وبالأزمان وبالمكان وبالحال فتقدر في كل شئ بحسب ما تعطيه حقيقة ما وقع فيه التفاضل فثم من يكون التقدير فيه بالمكيال والميزان إذا كان إنفاقا أو وقع التشبيه فيه بالإنفاق كالعقل لما قسمه الله بين الناس بمكيال فجعل لواحد قفيزا ولآخر قفيزين وقد يكون التقدير فيه بالمراتب والدرجات والذي يحصر لك باب المفاضلة إنما هو العدد وبما ذا يقع ما هو فيقال بحسب ما يريده الواضع أو المخبر به يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والنفقة بعد الهجرة لا يبلغ أجرها أجر النفقة قبل الهجرة في أهل مكة ولا في كل موضع يكون العبد مخاطبا فيه بالهجرة منه إلى غيره فيعمل فيه خيرا وهو فيه مستوطن ثم يعمل خيرا بعد هجرته فهذا الخير يتفاضل بقدر المشقة واعلم أن هذا المنزل يتضمن علوما شتى أومأنا إلى تسميتها في آخره لتعرف فتطلب وهذا المنزل من منازل التنزيه الذي ذكرناه في أول هذا الكتاب عند ذكرنا منزل المنازل وهو تنزيه نصف العالم ونصف محل وجود أعيان العالم من مقام العزة الحاكمة على الكل بالقهر والعجز عن بلوع الغاية فيما قصدوه من الثناء على الله مثل قول رسول الله ص لا أحصي ثناء عليك ما قال ذلك حتى عجز عن بلوع الغاية التي في نفسه طلبها فلم تف الجوارح بذلك ولا ما عندنا من الأسماء الإلهية فإنه ما يثنى عليه عز وجل إلا بأسمائه الحسنى ولا يعلم منها إلا ما أظهر ولا يثنى عليه إلا بالكلام بتلك الأسماء وهو الذكر ولا يكون إلا منه لا بالوضع منا فإنه لا يجوز عندنا أن يسمى إلا بما سمي به نفسه فلا يثنى عليه إلا بما أثنى على نفسه إلا القاضي أبو بكر بن الطيب فإنه ذهب إلى جواز تسميته بكل اسم لا يوهم صفة الحدوث فالعالم كله تحت قهره وفي قبضته يحيى بشهوده وتجليه إذا شاء أو لمن شاء ويميته باحتجابه وستره إذا شاء أو في حق من شاء ولكن ما لم يتجل لشخص تجليا يعلم أنه هو غير مقيد فإذا تجلى في مثل هذا فلا حجاب بعد هذا التجلي فله الحياة الذاتية بشهوده فلا يموت أبدا موت الحجاب والستر فإن لم يتجل له وهو متجل أبدا ولكن لا يعرف فالمحجوب بجهله به ميت فإن حياة العلم يقابلها موت الجهل وبالنور يقع حصوله كما بالظلمة يكون الجهل في حكمه قال تعالى أو من كان ميتا فأحييناه فقد وصفه بالموت ثم بالحياة لمن أحياه ثم قال وجعلنا له نورا به يشهده فليس مثله كمن مثله في الظلمات وإن كان حيا وهو الحي يعلم الغيب في الغيب الذي يحكم عليه به الاسم الباطن فإن لم يكن حيا يعلم فتلك الظلمة المحضة والعدم الخالص ولله سبحانه الاقتدار على كل ما ذكرناه أخبرني الوارد والشاهد يشهد له بصدقه مني بعد أن جعلني في ذلك على بينة من ربي بشهودي إياه لما ألقاه من الوجود في قلبي إن اختصاص البسملة في أول كل سورة تتويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة إنها تنال كل مذكور فيها فإنها علامة الله على كل سورة إنها منه كعلامة السلطان على مناشيره فقلت للوارد فسورة التوبة عندكم فقال
(١٠٠)