لم يخرج من النار والعالم منا هنا بصورة ما عبده المشرك ما نزحزح عن علمه في الدنيا ولا في الآخرة لأنه لم تقع عينه في الدنيا ولا تعلق علمه إلا على المعبود في تلك الصورة والمشرك لم يكن حاله كذلك وإنما كان حاله شهودا لصورة فرجع المشرك عنها في الآخرة ولم يرجع العالم فلو رجع لكان من الجاحدين فلا يصح له أن يرجع فالشرك باق ولكن ليس يعلمه * إلا الذي شاهد الأعيان والصورا فمن يقول بتوحيد أصاب ومن * يقول بالشرك فيه صدق الخبرا إن الشريك لمعدوم وليس له * في عين عابدة عين ولا أثرا وفي هذا المنزل من العلوم لا يعلمه نبي ولا ولي كان قبل هذه الأمة اختص بعلمه هذا الرسول محمد ص وهذه الأمة المحمدية فالكامل من هذه الأمة حصل له هذا المقام ظاهرا وباطنا وغير الكامل حصل له ظاهرا أو باطنا ولم يكمل له ولكن شمله لكونه من الأمة أمة محمد ص ولا يكاثر من أمته إلا بالمؤمنين منهم صغيرا كان المؤمن أو كبيرا فإن الذرية تابعة للآباء في الايمان ولا يتبعونهم في الكفر إن كان الآباء كفارا ولكن تعزل كفار كل أمة بمعزل عن كفار الأمة الأخرى فإن العقوبة تعظم بعظم من كفر به هذا هو المعهود إلا كفار هذه الأمة فإنهم أخف الناس عذابا لكون من كفرت برسالته التي أرسله الله بها رحمة للعالمين وقد أبان الله ذلك في الدنيا وجعله عنوان حكم الآخرة وذلك أن رسول الله محمدا ص لما اشتد قيامه في الله وغيرته على الحق في قصة رعل وذكوان وعصية جعل يدعو عليهم في كل صلاة شهرا كاملا وهو القنوت فأوحى الله تعالى إليه في ذلك لما علم من إجابته إياه إذا دعاه في أمر فنهاه عن الدعاء عليهم إبقاء لهم ورحمة بهم فقال وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين أي لترحمهم فإنه مرسل إلى جميع الناس كافة ليرحمهم بأنواع وجوه الرحمة ومن وجوه الرحمة أن يدعو لهم بالتوفيق والهداية وقد صح عنه ص أنه كان يقول اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ونهى عن الدعاء عليهم فإذا كان من أشرك به يعتب رسوله ص في الدعاء عليهم فكيف يكون فعله فيهم إذا تولى سبحانه الحكم فيهم بنفسه وقد علمنا أنه تعالى ما ندبنا إلى خلق كريم إلا كان هو أولى به فمن هنا يعلم ما حكمه في المشركين يوم القيامة من أمة محمد ص وإن أخذهم الله بالشرك في الآخرة إذ لا بد من المؤاخذة ولكن مؤاخذته إياهم فيها لطف إلهي لا يستوي فيه مشرك غير هذه الأمة بمشركها أعرف ذلك اللطف ولا أصرح به كما ذكر ص فيمن أصابتهم النار من هذه الأمة بذنوبهم بل من الأمم إن الله يميتهم فيها أمانة الحديث وقد مر في هذا الكتاب خرجه مسلم في صحيحه وقد رميت بك على الطريق لتعلم حكم الله في هذه الأمة المحمدية مؤمنها والكافر بها فإن كفر الكافر منها لا يخرجه عن الدعوة فله أو عليه حكمها ولا بد فهم خير أمة أخرجت للناس المؤمن منهم بإيمانه والكافر منهم بكفره هما خير من كل مؤمن من غير هذه الأمة وكافر وهذا الذي ذكرناه في هذا المنزل بالنظر إلى ما يحويه من العلوم جزء من ألف جزء بل من آلاف والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثالث والثمانون وثلاثمائة في معرفة منزل العظمة الجامعة للعظمات المحمدية) إن العظيم إذا عظمته نزلا * وإن تعاظمت جلت ذاته فعلا فهو الذي أبطل الأكوان أجمعها * من باب غيرته وهو الذي فعلا وليس يدرك ما قلنا سوى رجل * قد جاوز الملأ العلوي والرسلا وهام فيمن يظن الخلق أجمعه * تحصيله وسها عن نفسه وسلأ ذاك الرسول رسول الله أحمدنا * رب الوسيلة في أوصافه كملا اعلم أن لهذا المنزل أربعة عشر حكما الأول يختص بصاحب الزمان والثاني والثالث يختص بالإمامين والرابع والخامس والسادس والسابع يختص بالأوتاد والثامن والتاسع والعاشر والأحد عشر والأحد عشر والاثنا عشر والثالث عشر والرابع عشر يختص بالأبدال وبهذه الأحكام يحفظ الله عالم الدنيا فمن علم هذا المنزل علم كيف يحفظ الله الوجود على عالم الدنيا ونظيره
(٥١٩)