فكان غير معصوم اللسان ورأيت أقواما يشطحون على الله وعلى أهل الله من شهود في حضرة خيالية فهؤلاء ما لنا معهم كلام فإنهم مطرودون من باب الحق مبعدون عن مقعد الصدق فتراهم في أغلب أحوالهم لا يرفعون بالأحكام المشروعة رأسا ولا يقفون عند حدود الله مع وجود عقل التكليف عندهم وبالجملة فإن الإدلال على الله لا يصح من المقربين من أهل الله جملة واحدة ومن ادعى التقريب مع الإدلال فلا علم له بمقام التقريب ولا بالأهلية الصحيحة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والتسعون وثلاثمائة في معرفة منازلة من وعظ الناس لم يعرفني ومن ذكرهم عرفني فكن أي الرجلين شئت) الخلق ظل لذات الحق ليس له * كون يحققه علم ولا بصر إن قام قام به أو سار سار به * فعينه ليس هو وكونه بشر فأعجب له من وجود لا وجود له * ولو يزول لزال النفع والضرر هذا الذي قلته العقل يجهله * وليس يدريه إلا الشمس والقمر فالشمس أنثى وبدر التم إن نظرت * عين التفكر فيه حاكم ذكر فكان بينهما إلا بنا وليس هما * سواهما فاعتبر إن كنت تعتبر عجبت من واحد في ذاته عدد * له الظهور وفيه الكون والغير اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الله يقول سبحانه وذكرهم بأيام الله وقال تعالى فيما أمر به نبيه ص في كتابه العزيز قل إنما أعظكم بواحدة وقال عز وجل أو يأتيهم عذاب يوم عقيم فمدار هذه المنازلة على هذه الثلاثة الآيات فالتذكر للعلماء الغافلين والوعظ لا يكون للناس أجمعين ولهذا قال من وعظ الناس لم يعرفني فإنه إنما يعظهم بما يكون مني لا بي وكذلك من يخوفهم إنما يخوف بما يكون مني لا مني فالترغيب لا يجري مجرى الترهيب فإن الترغيب قد يكون في والترهيب لا يكون إلا مما يكون مني لا مني واليوم العقيم الذي لا ينتج زمانا مثله أي ليس بعده يوم يكون عنه لأن الأيام في الدنيا كل يوم هو ابن اليوم الذي قبله وهما توأمان ليلة ونهار فالليلة أنني والنهار ذكر فيتناكحان فيولد إن النهار والليل اللذين يأتيان بعدهما ويذهبان الأبوان فإنهما لا يجتمعان أبدا وفي غشيان الليل والنهار وإيلاج بعضهما في بعض يكون ولادة ما يتكون في كل واحد منهما من الأمور والكوائن التي هي من شؤون الحق فيكون الليل ذكرا والنهار أنثى لما يتولد في النهار من الحوادث ويكون النهار ذكرا والليل أنثى لما يتولد في الليل من الحوادث وتكون الليلة أنثى والنهار ذكر الولادة التوأمين وهما اليوم الثاني وليلته والليل أصل والنهار منه كحواء من آدم ثم يقع النكاح والنتاج (فصل) في الواحدة التي يعظ بها الواعظ وهي أن يقوم من أجل الله إذا رأيت من فعل الله في كونه ما أمرك أن تقوم له فيه إما غيرة وإما تعظيما فقوله في القيام مثنى بالله وبرسوله فإنه من أطاع الرسول فقد أطاع الله فقمت لله بكتاب أو سنة لا تقوم عن هوى نفس ولا عيرة طبيعية ولا تعظيم كوني وفرادي إما بالله خاصة أو لرسوله خاصة كما قال ص لا أرى أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الحديث عني فيقول أتل به علي قرآنا إنه والله لمثل القرآن أو أكثر فقوله أكثر في رفع المنزلة فإن القرآن بينه وبين الله فيه الروح الأمين والحديث من الله إليه ومعلوم أن القرب في الإسناد أعظم رتبة من البعد فيه ولو بشخص واحد ينقص من الطريق وذلك لأنه ينقص حكمه فيه فإنه لا بد أن يكتسب الخبر صورة من المبلغ فلا يبقى على ما هو عليه في الأصل الذي ينقل عنه ولا يكون في الصدق في قول المخبر هذا كلام فلان مثل من ينقله عنه أو يسمعه منه وذلك لتبدل اللغة واللسان فيه فإن الترجمان لا ينقل عين ما تكلم به من ينقل عنه وإنما يتكلم في نقله بما فهمه منه وإذا كنت أنت الذي تنقل عنه كنت في طبقته وقد تفهم منه أمرا لم يفهمه منه المترجم لك عنه فبهذا كان الحديث أكثر من القرآن وغايته أن يكون إذا نزل عن هذه الطبقة مثله وما عدل
(٥٦١)