به وعدا شيطانيا والله لا يقاوم ولا يغالب فالمغفرة متحققة والفضل متحقق وباء الشيطان بالخسران المبين ولهذه الحقيقة أمرنا الله أن نتخذه وكيلا في أمورنا فيكون الحق هو الذي يتولى بنفسه دفع مضار هذه الأمور عن المؤمنين وما غرض الشيطان المعصية لعينها وإنما غرضه إن يعتاد العبد طاعة الشيطان فيستدرجه حتى يأمره بالشرك الذي فيه شقاوة الأبد وذلك لا يكون إلا برفع الستر الاعتصامي الحائل بين العبد والشرك والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع عشر وثلاثمائة في معرفة تنزل سراح النفس عن قيد وجه ما من وجوه الشريعة بوجه آخر منها) وأن ترك السبب الجالب للرزق من طريق التوكل سبب جالب للرزق وأن المتصف به ما خرج عن رق الأسباب ومن جلس مع الله من كونه رزاقا فهو معلول لله بين السماء والأرض تنزيل * من أمره فيه تبديل وتحويل ينحط من صور في طيها صور * يمحو بها صورا لهن تمثيل وصورة الحق فيه إن يكون على * ما الحق فيه وإن لم فهو تضليل الهو يصاحب مجلي الحق في صور * وهو الصحيح الذي ما فيه تعليل هذا مقام ابن عباس وحالتنا * وقد أتى فيه قرآن وتنزيل فلا تغرنك حال لست تعرفها * فإنها لك تسبيح وتهليل وقل بها والتزامها إنها سند * أقوى يؤيده شرع ومعقول تقضي به صحف مثلي مطهرة * منها زبور وتوراة وإنجيل فاشهد هديت علوما عز مدركها * على العقول فوجه الحق مقبول يحار عقلك فيها إن يكيفها * فإنه تحت قهر الجس مغلول فالحس أفضل ما تعطاه من منح * وصاحب الفكر منصور ومخذول اعلم وفقك الله أيها الولي الحميم تولاك الله برحمته وفتح عين فهمك إنه من كانت حقيقته أن يكون مقيدا لا يصح أن يكون مطلقا بوجه من الوجوه ما دامت عينه فإن التقييد صفة نفسية له ومن كانت حقيقته أن يكون مطلقا فلا يقبل التقييد جملة واحدة فإنه صفته النفسية أن يكون مطلقا لكن ليس في قوة المقيد أن يقبل الإطلاق لأن صفته العجز وأن يستصحبه الحفظ الإلهي لبقاء عينه فالافتقار يلزمه وللمطلق أن يقيد نفسه إن شاء وأن لا يقيدها إن شاء فإن ذلك من صفة كونه مطلقا إطلاق مشيئة ومن هنا أوجب الحق على نفسه ودخل تحت العهد لعبده فقال في الوجوب كتب ربكم على نفسه الرحمة أي أوجب فهو الموجب على نفسه ما أوجب غيره عليه ذلك فيكون مقيدا بغيره فقيد نفسه لعبيدة رحمة بهم ولطفا خفيا وقال في العهد وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم فكلفهم وكلف نفسه لما قام الدليل عندهم بصدقه في قيله ذكر لهم ذلك تأنيسا لهم سبحانه وتعالى ولكن هذا كله أعني دخوله في التقييد لعباده من كونه إلها لا من كونه ذاتا فإن الذات غنية عن العالمين والملك ما هو غني عن الملك إذ لولا الملك ما صح اسم الملك فالمرتبة أعطت التقييد لا ذات الحق جل وتعالى فالمخلوق كما يطلب الخالق من كونه مخلوقا كذلك الخالق يطلب المخلوق من كونه خالقا ألا ترى العالم لما كان له العدم من نفسه لم يطلب الخالق ولا المعدم فإن العدم له من ذاته وإنما طلب الخالق من كونه مخلوقا فمن هنا قيد نفسه تعالى بما أوجب على نفسه من الوفاء بالعهد ولما كان المخلوق بهذه المثابة لذلك تعشق بالأسباب ولم يتمكن له إلا الميل إليها طبعا فإنه موجود عن سبب وهو الله تعالى ولهذا أيضا وضع الحق الأسباب في العالم لأنه سبحانه علم أنه لا يصح اسم الخالق وجودا وتقديرا إلا بالمخلوق وجود أو تقدير أو كذلك كل اسم إلهي يطلب الكون مثل الغفور والمالك والشكور والرحيم وغير ذلك من الأسماء فمن هنا وضع الأسباب وظهر العالم مربوطا بعضه ببعضه فلم تنبت سنبلة إلا عن زارع وأرض ومطر وأمر بالاستسقاء إذا عدم المطر تثبيتا منه في قلوب عباده لوجود الأسباب ولهذا لم يكلف عباده قط الخروج عن السبب
(٧٢)