قررناه فمن أخذ الأخلاق كما تقرر أخذها فهو المتمم لمكارم الأخلاق والمنعوت بها وذلك لا يكون إلا بالتكرم على الله فإنا قد علمنا أنه من المحال أن يعم الإنسان بخلقه ويبلغ به رضي جميع العالم لما هو العالم عليه في نفسه من المخالفة والمعاداة فإذا أرضى زيدا أسخط عدوه عمرا فلم يعم بخلقه جميع العالم فلما رأى استحالة ذلك التعميم عدل إلى تصريف خلقه مع الله فنظر إلى كل ما يرضى الله فقام فيه وإلى كل ما يسخطه فاجتنبه ولم يبال ما وافق ذلك من العالم مما يخالفه فإذا أقيم في هذا النظر في حال التلاوة علم إن القرآن الكريم نزل عليه فأعطاه صورته وصفته فإن الله ما نظر من هذا العلم إلا للإنسان لا إلى الحيوان الذي هو في صورة الإنسان فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني فإذا تصرف هذا التالي في العالم تصرف الحق من رحمته وبسط رزقه وكنفه على العدو والولي والبغيض والحبيب بما يعم مما لا يقدح ويخص جناب الحق بطاعته وإن أسخط العدو كما خص الحق بتوفيقه بعض عباده ولم يعم كما عم في الرزق فمن هذه صفته في حال تلاوته فإنه يتلو القرآن الكريم الذي في الكتاب المكنون وهو قلب هذا التالي تنزيل من رب العالمين وما قال رب المؤمنين لعموم الكرم في الرزق والحياة الدنيا فاعلم يا ولي ما تتلو وبمن تتلو ومن يسمعك إذا تلوت وبمن تسمع إذا كان الحق يتلو عليك وهذا القدر كاف في التنبيه على شرف هذا المنزل فلنذكر ما يحوي عليه من العلوم فمن ذلك علم منازل القرآن وعلم الأوتاد الأربعة الذين قيل إن الشافعي واحد منهم وعلم تعجب الحق وكل ما يتعجب منه فهو خلقه وعلم ما يؤخذ منك وما يبقى عليك ومن يأخذه منك وهل يأخذه عن عطاء منك أو يأخذه الآخذ جبرا وعلم بعض مراتب الكتب الإلهية التي عنده ولم تنزل إلينا وعلم السبب الذي حال بيننا وبين أن يكون لنا من الله ما كان للرسل منه وهو قوله ع في الحديث الصحيح في الكشف فقال ص لولا تزييد في حديثكم وتمريج في قلوبكم لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع فهذا قد أبان عن الطريق الموصلة إلى المقام الذي منه رأى ما رأى وسمع ما سمع فهل يوجد من يزول عنه هذا المانع فيصل إلى هذا المقام أم لا فنحن نقول بأنه يزول فإن الله قد أمر أن يبين للناس ما نزل إليهم وما أبان عن مانع عن رقى إلى مرتبة عليا إلا ليزال ولا ذكر منزلة زلفى إلا لتنال فمن جد وجد ومن قصر فلا يلومن إلا نفسه وعلم الاعتبار وعلم مقام الصلاح الذي يطلبه الأنبياء ع أن يكون لهم وعلم ما تنتجه الأعمال البدنية من المعارف الإلهية من طريق الكشف وعلم نزول العلم وحكمه في قلوب العلماء وما فيه من زيادة الفضل على من ليس له هذا المقام وعلم تجديد المعدوم وعلم إحصاء الأنفاس بالتمحيص لهذا الإنسان دون غيره وعلم تقاسيم السكر في المشروب وعلم ما هو الصور الذي ينفخ فيه فيكون عن النفخ ما يكون من صعق وبعث بسرعة وعلم التوكيل الإلهي على العبيد إلى أن يبلغ مداه ويزول وعلم العلم الذي ينزل منزلة العين في الطمأنينة الذي قال فيه علي رضي الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا وعلم التمييز بين الفرق وعلم محل الخصام من الدار الأخرى وعلم السوابق وحكمها وعلم النقص في العالم أنه من كمال العالم وعلم مال السعداء وطبقاتهم في السعادة وعلم استخراج الكنوز وعلم أحكام أصناف الموصوفين بالوجود وعلم الذكر المؤقت وغير المؤقت وما فائدة التوقيت في ذلك وعلم ما يهون وروده على من ورد عليه مما لا يهون وعلم مراتب العالم فانظر يا ولي أي علم تريده فتعمل في تحصيله من الطريق التي توصلك إليه أو التحلي بالصفة التي تنزله عليك فإنك بين أعمال بدنية وهي محجة السلوك بالأعمال وبين أخلاق روحانية وصفات معنوية إذا كنت عليها نزلت إليك المراتب وتجلت لك من ذاتها وطلبتك لنفسها وإذا كنت صاحب محجة وصلت إلى غايتها بالطلب وفرقان بين الطالب والمطلوب والمراد والمريد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل الأخوة وهو من الحضرة المحمدية والموسوية) بين العماء والاستوا * حارت عقول أولي النهى * وكذاك عند نزوله * من مستواه إلى السما ووجوده في أرضه * وبقلبنا وبأينما * هذي المعالم كلها * تعطي التحير والعما هي ستة مثل الجهات * لنا فصور تناسوا * فالله جل بذاته * عن نعت عل وعن عسى قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى وجاء في الخبر أن المؤمن مرآة أخيه والمؤمن اسم من أسماء الله وقد خلق آدم
(١٣١)