قول النبي ص لا أحصي ثناء عليك أنت كما ثنيت على نفسك ولكن عند من عند نفسك أو عند خلقك فانظر فيما نبهتك عليه فإنه ينفعك إن قبلت مقالتي وأصغيت إلى نصيحتي وهذا وصل الكلام فيه يطول جدا فإنه يحوي على أسرار وأنوار ومزج واختلاط وتخليص وتمييز وما يردي وما ينجي ويكتفى بهذا القدر من هذا الباب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السبعون وثلاثمائة في معرفة منزل المزيد وسر وسرين من أسرار الوجود والتبدل وهو من الحضرة المحمدية) إن الزيادة في الأعمال صورتها * مثل الزيادة في الإنعام يا رجل وليس يعرفها إلا رجال حجى * وليس يحصرها عد ولا أجل لله في طيها مكر لذي نظر * محقق ولنا في مكره أمل فإنه صادر من سر حضرته * وليس يعصم إلا العلم والعمل إن الفروع لها أصل يبينها * للناظرين به قد جاءنا المثل اعلم أن الحكمة في الأشياء كلها والأمور أجمعها إنما هو للمراتب لا للأعيان وأعظم المراتب الألوهية وأنزل المراتب العبودية فما ثم إلا مرتبتان فما ثم إلا رب وعبد لكن للألوهة أحكام كل حكم منها يقتضي رتبة فأما يقوم ذلك الحكم بالإله فيكون هو الذي حكم على نفسه وهو حكم المرتبة في المعنى ولا يحكم بذلك الحكم إلا صاحب المرتبة لأن المرتبة ليست وجود عين وإنما هي أمر معقول ونسبة معلومة محكوم بها ولها الأحكام وهذا من أعجب الأمور تأثير المعدوم وأما أن يقوم ذلك الحكم بغيره في الموجود إما أمرا وجوديا وإما نسبة فلا تؤثر إلا المراتب وكذلك للعبودة أحكام كل حكم منها رتبة فأما يقوم ذلك الحكم بنفس العبد فما حكم عليه سوى نفسه فكأنه نائب عن المرتبة التي أوجبت له هذا الحكم أو يحكم على مثله أو على غيره وما ثم إلا مثل أو غير في حق العبد وأما في الإله فما ثم إلا غير لا مثل فإنه لا مثل له فأما الأحكام التي تعود عليه من أحكام الرتبة وجوب وجوده لذاته والحكم بغنائه عن العالم وإيجابه على نفسه بنصر المؤمنين بالرحمة ونعوت الجلال كلها التي تقتضي التنزيه ونفي المماثلة وأما الأحكام التي تقتضي بذاتها طلب الغير فمثل نعوت الخلق كلها وهي نعوت الكرم والإفضال والجود والإيجاد فلا بد فيمن وعلى من فلا بد من الغير وليس إلا العبد وما منها أثر يطلب العبد إلا ولا بد أن يكون له أصل في الإله أوجبته المرتبة لا بد من ذلك ويختص تعالى بأحكام من هذه المرتبة لا تطلب الخلق كما قررنا ومرتبة العبد تطلب من كونه عبدا أحكاما لا تقوم إلا بالعبد من كونه عبدا خاصا فهي عامة في كل عبد لذاته ثم لها أحكام تطلب تلك الأحكام وجود الأمثال ووجود الحق فمنها إذا كان العبد نائبا وخليفة عن الحق أو خليفة عن عبد مثله فلا بد أن يخلع عليه من استخلفه من صفاته ما تطلبه مرتبة الخلافة لأنه إن لم يظهر بصورة من استخلفه وإلا فلا يتمشى له حكم في أمثاله وليس ظهوره بصورة من استخلفه سوى ما تعطيه مرتبة السيادة فأعطته رتبة العبودة ورتبة الخلافة أحكاما لا يمكن أن يصرفها إلا في سيده والذي استخلفه كما أن له أحكاما لا يصرفها إلا فيمن استخلف عليه والخلافة صغرى وكبرى فأكبرها التي لا أكبر منها الإمامة الكبرى على العالم وأصغرها خلافته على نفسه وما بينهما ينطلق عليها صغرى بالنسبة إلى ما فوقها وهي بعينها كبرى بالنظر إلى ما تحتها فأما تأثير رتبة العبد في سيده فهو قيام السيد بمصالح عبده ليبقى عليه حكم السيادة ومن لم يقم بمصالح عبده فقد عزلته المرتبة فإن المراتب لها حكم التولية والعزل بالذات لا بالجعل كانت لمن كانت وأما التأثير الذي يكون للعبد من كونه خليفة فيمن استخلفه كان المستخلف ما كان إن يبقى له عين من استخلفه عليه لينفذ حكمه فيه وإن لم يكن كذلك فليس بخليفة ولا يصدق إذا لم يكن ثم على من ولا فيمن لأن الخليفة لا بد له من مكان يكون فيه حتى يقصد بالحاجات ألا ترى من لا يقبل المكان كيف اقتضت المرتبة له أن يخلق سماء جعله عرشا ثم ذكر أنه استوى عليه حتى يقصد بالدعاء وطلب الحوائج ولا يبقى العبد حائرا لا يدري أين يتوجه لأن العبد خلقه الله ذا جهة فنسب الحق الفوقية لنفسه من سماء وعرش وإحاطة بالجهات كلها بقوله فأينما تولوا فثم وجه الله وبقوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول هل من نائب هل من داع هل من مستغفر ويقول عنه رسوله
(٤٠٨)